الإخوان فى الميدان

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


June 4th, 2012

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د.عماد جاد



ما إن نطق القاضى أحمد رفعت بالحكم على الرئيس السابق مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى بالسجن المؤبد،

حتى هلل البعض داخل القاعة، مشيدا بالقضاء المصرى وعدالته، وما إن أعلن براءة مساعدى حبيب العادلى

لعدم وجود أدلة كافية للإدانة ونجلى مبارك لانقضاء المدة، ومن ثم سقوط التهمة، حتى ضجت القاعة بالاحتجاج،

وعلت الأصوات قائلة «الشعب يريد تطهير القضاء» فى اتهام مباشر للقضاء المصرى بالتواطؤ

مع أركان النظام المتهاوى. فى نفس الوقت خرج عشرات المحللين والصحفيين والمحامين

ليؤكدوا أن الخطوة التالية ستكون صدور قرار بالعفو عن مبارك، ومن ثم فإن جمال مبارك

يمكنه ترشيح نفسه لمنصب الرئيس فى الانتخابات التى ستجرى بعد أربع سنوات. كان المشهد بالنسبة إلى أسر الشهداء

والمصابين مختلفا تماما فقد انتابهم شعور حقيقى وصادق بالصدمة نتيجة تبرئة مساعدى حبيب العادلى،

بينما يرون أن المساعدين الستة هم المسؤولون عن مقتل أبنائهم. التحرك كان عفويا وصادقا من صدمة الحكم،

وهو ما لم يكن كذلك من جانب قوى وفصائل سياسية، رأت فى ردود الفعل الرافضة للحكم

فرصة نموذجية لجنى مزيد من المكاسب السياسية، وأخرى رأتها فرصة سانحة لتحسين أسهم مرشحها

فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. من هنا تحركت جماعة الإخوان بسرعة شديدة وقدمت مرشحها

على أنه مرشح الثورة، وهاجمت منافسه الفريق أحمد شفيق الذى كان آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك،

قدمت مرشحها على أنه المرشح الثورى الذى سيحقق مطالب الثورة، وقدمت شفيق على أنه مرشح النظام

الذى تهاوى وسقط رأسه وبقى الجسد، وأن شفيق إذا ما نجح فسوف يعيد تركيب الرأس على جسد مرة أخرى

والرأس هنا سيكون أحد أقطاب النظام السابق. نعم، أحمد شفيق جزء من النظام السابق، لكن مرسى ليس ثوريا

ولا يمكن اعتباره مرشح الثورة، رموز الثورة خارج السباق الرئاسى، حمدين صباحى وخالد على

وهشام البسطويسى وأبو العز الحريرى خرجوا جميعا من السباق، صحيح صباحى احتل المرتبة الثالثة

عن جدارة، ومثّل الحصان الأسود للسباق الرئاسى، لكن الصحيح أيضا أنه خارج السباق، وجولة الإعادة

ستكون بين مرشحين، أحدهما هو محمد مرسى ينتمى إلى جماعة انضمت إلى الثورة بعد بروز

مؤشرات على النجاح، وتركت الميدان لإبرام صفقة مع العسكر، صفقة لم تكن خافية على أحد، صفقة

بموجبها رفضت جماعة الإخوان المسلمين اتباع الصيغة المعروفة فى تجارب شعوب العالم المختلفة للانتقال

من نظم الحكم السلطوية إلى النظام الديمقراطى، توافقت مع العسكر على البدء بانتخابات برلمانية أولا

قبل وضع الدستور الجديد، هاجمت الجماعة الثوار أمام البرلمان وفى ميدان التحرير

قالوا لا شرعية للميدان بعد انتخاب البرلمان، وتحت القبة جرى وصف الثوار بالمرتزقة ومدمنى تعاطى أقراص

«الترامادول». نظمت الجماعة مظاهرات مضادة لتجمعات الثوار فى ميدان التحرير وهتف البعض منهم

للمجلس العسكرى، ونادى آخرون بالمشير أميرا للمؤمنين. نعم شفيق أحد أركان النظام السابق،

ولكن جماعة الإخوان لا تمثل الثورة المصرية ولا مرشحها الاحتياطى مرسى هو مرشح الثورة،

لقد زحفوا إلى التحرير وتحدثوا كثيرا عن الثورة والثوار، ليس إيمانا بثورة، خرجوا عليها

فى منتصف الطريق ولا تقطيرا لثوار وصفوهم بمتعاطى الترامادول، ولكن من أجل تحسن فرصة

مرشحهم الاحتياطى فى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسية، لذلك ذهب مرسى إلى ميدان التحرير

ليلهب حماس الثوار الذين عادوا إلى مكانهم الطبيعى،

وما هو بالمكان الطبيعى لمرسى، ولكنه مكان جنْى المزيد من الأصوات.