الإخوان فى واشنطن

April 7th, 2012

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د.عماد جاد



يواصل وفد من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لقاءاته فى العاصمة الأمريكية واشنطن،

وأجرى الوفد مفاوضات مكثفة مع مسؤولين فى وزارة الخارجية الأمريكية، كما التقى كثيرا من المسؤولين الأمريكيين،

الهدف العام من الزيارة طمأنة الإدارة الأمريكية بشأن مصالحها فى المنطقة، والطمأنة تعنى التعهد بعدم المساس بها فى الحد الأدنى،

وبرعايتها وتطويرها فى الحد الأقصى، كما كان الوفد حريصا على التعهد لواشنطن بأن الحزب والجماعة لن يمسَّا معاهدة السلام مع إسرائيل،

وهو الأمر الأكثر أهمية لواشنطن. وتمثل زيارة الوفد الإخوانى لواشنطن استكمالا للحوارات واللقاءات التى تجرى بين الجانبين منذ فترة طويلة

ترجع بالنسبة إلى الجماعة إلى مطلع التسعينيات، وتواصلت بعد ذلك إلى أن تأسس الحزب فأصبح المظلة التى تجرى تحتها الانتخابات،

دون أن تتوقف مع الجماعة. وبدا واضحا من متابعة سير المفاوضات واللقاءات أن الجماعة تصدر خطابا إلى الداخل

لا علاقة له بالخطاب الذى تلقيه على مسامع الأمريكان، ففى الحوار مع واشنطن تحرص الجماعة

على تقديم نفسها باعتبارها جماعة سياسية براجماتية، لا تحتل الأيديولوجيا لديها سوى مساحة صغيرة على مستوى الخطاب الرسمى،

وتحديدا الموجه للرأى العام الداخلى، أما فى الحوارات مع العالم الخارجى، فالحرص كل الحرص على إبداء المرونة، البراجماتية،

الاستعداد التام للحلول الوسط وإبرام الصفقات، مع طلب جوهرى هو عدم الكشف عن جوهر التعهدات حتى لا تسقط الجماعة فى أعيُن أنصارها،

وذلك على غرار ما فعل قائد قوات كتائب القسام فى قطاع غزة مع المفاوض الإسرائيلى، فهذا القائد، ويُدعى عماد الفالوجى،

أجرى حوارات فى فترة اعتقاله مع شخصيات إسرائيلية خلاصتها أنه أقر لهم بعد القدرة على القضاء على إسرائيل،

وأنه مستعد لإبرام اتفاق سلام لاقتسام أرض فلسطين، ولكنه اشترط عليهم بشكل واضح ومباشر أن يسمحوا لحركة حماس

بأن تستخدم تعبير «هدنة» لوصف الاتفاق، ولإسرائيل أن تستخدم ما تريد من أوصاف لهذه الاتفاقية، مؤكدا لهم أنها اتفاقية سلام تنهى الصراع،

ولكن الحركة، ولأسباب أيديولوجية، يصعب عليها أن تستخدم تعبير «معاهدة سلام» أمام قواعدها ومؤيديها. نفس الأمر تمارسه الحركة الأم،

جماعة الإخوان، التى تواصل الحوارات مع الأمريكان، ولا ترى فى ذلك مشكلة على الإطلاق، تقوم بما تحرمه على غيرها من القوى السياسية،

تفعل كل ما تُدينه إذا ما صدر عن طرف آخر، تمارس ذلك جهارا ولديها اتهامات جاهزة لكل من يمكن أن يمارس هذه العمل السياسى.

ويبدو أن هذا التوجه يمثل سمة عامة لدى التيار الإسلامى، فالمرشح السلفى السيد حازم أبو إسماعيل،

أصر على مواصلة ترشحه للرئاسة وهو يعلم أنه يخالف أهم شروط الترشح وهو أن يكون المرشح من أبوين مصريين،

فالرجل مؤكد أنه كان يعلم بجنسية والدته الأمريكية، وظل يستعرض القوة والعضلات، يهدد ويتوعد كل من يردد هذه الحقيقة،

أراد التشويش على الموقف بمسيرة تسليم أوراق الترشح ضمن مسيرة عطلت قلب القاهرة وأطرافها…

ورغم كل ذلك جرى تأكيد أن السيدة والدته كانت تحمل الجنسية الأمريكية…

سبق للتيار الإسلامى وفى قلبه جماعة الإخوان

اتهام منظمات المجتمع المدنى الأمريكية، وأيضا المصرية العاملة معها، بأنها تهدف إلى إسقاط الدولة المصرية، تتآمر على البلد…

هذا أمام الرأى العام وجمهور التيار، أما فى الخفاء وبعيدا عن الأعيُن فالدور هو الوساطة فى إبرام الصفقات، تسفير المتهمين،

تعهدات بالتوافق مع المصالح، فمثلما تتولى حماس اليوم حماية الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة وتمنع القوى الأكثر تشددا وراديكالية

من الاقتراب من الحدود، تتعهد جماعة الإخوان بحماية المصالح الأمريكية وعدم المساس بمعاهدة السلام مع إسرائيل،

يجرى ذلك فى ظل حملة إعلامية على واشنطن وكل من يقترب منها، يحمل جنسيتها أو يلتقى مسؤوليها أو يجرى مفاوضات فى عاصمتها…

هنا الاتهامات جاهزة والتخوين مُعَدّ مسبقا… بينما أياديهم تصافح الأمريكان على أرض الوطن وفى العاصمة واشنطن،

وهنا وهناك تُبرَم الصفقات على حساب القيم والمبادئ التى تحولت إلى مجرد شعارات!