[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]مخاطر استسهال الاقتراض [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عبد الخالق فاروق
دأبت حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، على التوسع في الاقتراض
الداخلي، وإجبار المؤسسات المالية العامة والخاصة (كالبنوك وشركات التأمين
وغيرها) على الاكتتاب في السندات والأذون الحكومية؛ وهكذا زاد الدين
المحلي الإجمالي من أقل من 15 مليار جنيه عام 1982 (بداية حكم مبارك) إلى
ما يزيد حاليا على ترليون جنيه مصري (ألف مليار جنيه) بما أصبح يشكل لغما
خطيرا في الهيكل المالي والاقتصادي المصري.
وعلى نفس المنوال تسير- للأسف - حكومات المجلس العسكري بعد ثورة
الخامس والعشرين من يناير عام 2011؛ سواء بطرح مزيد من السندات وأذون
الخزانة التي زادت على 25 مليار جنيه إضافية أو من هيئات اقتصادية حكومية
مثل هيئة البترول وغيرها.
ولنا أن نتصور أن خدمة الدين المحلي الإجمالي وحدة قد أصبح يبتلع ما
يزيد على 106 مليار جنيه من نفقات الموازنة العامة للدولة في عام
2011/2012 ،مما يشكل حوالي ربع استخدامات الموازنة العامة للدولة؛ وإذا
أضفنا إليها خدمة الدين الأجنبي (الأقساط + الفوائد) والدعم على الكثير من
السلع والخدمات، والمشتقات النفطية، والتي تبتلع بدورها الربع الثاني من
استخدامات الموازنة العامة. نجد في النهاية أن حوالي 250 مليار جنيه من هذه
الاستخدامات (التي تزيد قليلا على 511 مليار جنيه) تخرج عن نطاق ما يسمى
فاعلية النفقات العامة public cost efficiency وهكذا فأن الصورة تبدو
قاتمه لطريقة الإدارة المالية للدولة المصرية.
إذن كيف نخرج من هذه الحلقة الشيطانية التي يضعنا بها رجال قليلوا الموهبة والجرأة والخيال السياسي والابتكار الاقتصادي؟
هنا نستطيع أن نشير إلى مجموعة من الإجراءات المتكاملة لإنقاذ الحالة العامة للهيكل المالي للحكومة المصرية ومنها :
1- إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة؛ وعودتها إلى ما كانت عليه
قبل إدخال التعديلات الخطيرة التي أقحمها وزير المالية الهارب "يوسف بطرس
غالي" بالقانون رقم 87 لسنة 2004 والتي استهدفت أساسا إلحاق الموازنة
المصرية بنماذج الإحصاءات المعتمدة في صندوق النقد الدولي.
2- إعادة هيكلة نفقات الباب الأول ( الأجور والمرتبات) وفقا لمبدأ
الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور والدخول الحكومية، والباب الثاني (نفقات
التشغيل) وهذا من شأنه توفير ما لا يقل عن 20 مليار جنيه من أهدار كان يجري
بوسائل شتى.
3- إعادة النظر في نمط وأولويات الاستثمار الحكومي الواردة في الباب
السادس ( استثمارات) والتي تتجه معظمها لصالح الإنشاءات والمرافق الأساسية
في عملية دعم مستمرة لقطاعات الإنشاءات وشركات المقاولات وقوائم المقاولين
بما يصاحبها عادة من عمولات وعمليات سمسرة واسعة النطاق واستبدالها بتشجيع
الاستثمار في البنية الصناعية والزراعة.
4- تقليص بند الاعتمادات الإجمالية من البابين الأول والثاني خاصة
تلك التي كانت تتسرب من خلف ظهر المجلس التشريعي والأجهزة الرقابية لصالح
تعزيز المكافآت لقطاعي الدفاع والأمن.
5- إعادة نظر في النفقات المظهرية ومنها " بند الدعاية والإعلان
والاستقبالات" التي تجاوزت سنويا في عهد حكومة أحمد نظيف 400 مليون جنيه ،
بينما لم تكن تزيد قبل تولى هذا الرجل على 60 مليون جنيه؛ ويمكن توجيه هذا
الوفر إلى بناء 150 مدرسة جديدة سنويا .
6- إعادة النظر واتخاذ قرار حاسم واستراتيجي بوقف الحركة على ما
يسمى " الحسابات الخاصة والصناديق الخاصة" وفحصها جميعا وضمها إلى الخزانة
العامة وإلغاء أي مادة في قانون تسمح للسلطة المختصة ( رئيس جمهورية – رئيس
وزراء – وزراء – محافظين – رؤساء جامعات) بإنشاء مثل هذه الصناديق
والحسابات الخاصة التي تشكل أحد ركائز دولة الفساد في عهد مبارك ويمكن أن
يؤدي هذا الإجراء إلى توفير ما بين 70 مليار إلى 100 مليار جنيه تضاف إلى
الخزانة العامة وننهي بها نهائيا العجز في الموازنة العامة للدولة. هذه هي
بعض من فيض مقترحات وسياسيات بديلة يمكن أن تخرجنا من المأزق المالي الحالي
وسوف نوالي نشر بقيتها في المقال القادم.