[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بائع الحقائب حمزة نمرة
«المحل أهو.. عشر دقايق وهنيجى على طول» خرجت زوجتى من السيارة
ومعها ابنى، قاصدة ذلك المحل المتخصص فى بيع حقائب الأطفال المدرسية.. لقد
اهترأت حقيبة ياسين سريعاً وأصبح من الضرورى شراء واحدة جديدة يكمل بها هذا
العام.. دخلت زوجتى المحل وبدأت فى البحث عن حقيبة مناسبة وسط تلال من
الحقائب المكومة فوق بعضها.. مدّت يدها باتجاه إحدى الحقائب التى بدا لها
أنها متينة.. وأثناء فحصها للحقيبة، شعرت بشخص يقف بجانبها، التفتت فإذا به
صبى لم يتجاوز الثانية عشرة، بشرته بيضاء، وشعره بنىّ مائل للحمرة.. أنيق
ومهندم على الرغم من بساطة ملابسه.. ابتسم وحياها تحية مهذبة، ثم سألها إن
كانت تريد المساعدة، فهو يعمل بالمحل وفى الخدمة.. شرحت له زوجتى ما تريده
بالضبط، فاستأذنها ودخل إلى المخزن، ثم خرج ومعه بضع حقائب متباينة الألوان
والأشكال.. أخذت تقلب بين الحقائب.. فى لحظة ما صاح ابنى فجأة وكأنه ظفر
بكنز.لقد «شبط» فى حقيبة صفراء فاقعة عليها رسومات مرحة لـ«سبونج بوب»..
سألت زوجتى الصبى الأنيق عن السعر، فأجابها بسرعة معدداً مزايا الحقيبة
وكافة المعلومات التى يحفظها عن ظهر قلب.. لاحظت زوجتى شيئاً ما فى لكنته،
يبدو أنه من الصعيد، أو ربما من العريش، لم تستطع التحديد على وجه الدقة.
قاطع الصبى فجأة شابٌ كان قد خرج من المخزن للتو، نظر الشاب إلى
الصبى بعصبية، فارتبك الصبى وسكت.. استكمل الشاب الحوار مع زوجتى مؤكداً
جودة الصناعة ومتانة الخامات وما إلى ذلك، قاطعاً الطريق على أى محاولات
للفصال، كان قاهرياً مخضرماً وذا قدرة فائقة على الإقناع.. لم يكن أمام
زوجتى إلا أن تنصاع لإرادة ابنى وسعر البائع الذى لم تفلح فى تحريكه.. فى
هذه اللحظة استجمع الصبى شجاعته مرة أخرى وأخذ الحقيبة بسرعة نحو الخزانة
لإتمام البيع شاكراً الشاب على المساعدة.
«هو إنت مش المفروض تكون بتدرس فى المدرسة؟» سألته زوجتى باستغراب..
فأجاب بالإيماء متحاشياً النظر إليها.. . «طب بتشتغل ليه وسايب مذاكرتك
ومدرستك؟».. هنا توقف عن تغليف الحقيبة، طأطأ رأسه، ثم قال بصوت متهدج:
«ولا مدرسة قبلتنى للأسف»، فسألته بدهشة عن السبب، فسكت قليلاً.. ثم رفع
رأسه ونظر إليها بعينين مرقرقتين بالدموع، قائلاً:«أصل أنا من سوريا».
يقدر عدد اللاجئين السوريين بمصر بحوالى ١٥٠ ألفاً، بحسب إحصائيات
مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة، أغلبهم من العائلات التى
هربت من جحيم القصف الوحشى وجرائم الإبادة التى يرتكبها النظام السورى،
لتصل إلى بلاد تذيقهم صنوف المعاناة من الفقر وذل الاحتياج، والتلطيش من
اللى يسوى واللى ما يسواش.
وكالعادة، تعيش قرارات الحكومة فى عالم خيالى موازٍ لعالمنا
الحقيقى، وكل فى فلك يسبحون، فقرار الحكومة بدمج أبناء اللاجئين فى المدارس
والجامعات الحكومية وإعفائهم من المصاريف، يقابله رفض المدارس والجامعات
لقبول المزيد من الطلاب؛ لأنهم أصلاً يعملون فوق طاقتهم الاستيعابية
والمشرحة مش ناقصة قتلى، كما أن كل محاولات تسهيل إقامة السوريين وتشـغيلهم
تقابلها معاملة سيئة وأجور مهينة للباحثين عن عمل يكفيهم قوت اليوم، فلا
غرابة حينئذ، أن نصادف فتىً أنيقاً واعداً، جاء لاجئاً من سوريا المنتصرة
بإذن الله، واقفاً فى محل، يبيع الحقائب لمدارس لن يدخلها.
عاشت سوريا حرة.
لي سؤال تعقيبا على هذا المقال
ليس من حق هؤلاء اللاجئون أن يتعلمون وما مصيرهم ؟؟؟؟
لابد من وجود حل لهذه المشكلة فهم شعب لايستحق هذه المهانة
عاشت سوريا حرة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]