[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مخاوف دول الخليج والمسئولية المصرية معتز بالله عبد الفتاح
معظم دول الخليج، باستثناء قطر، لديها شعور بعدم الارتياح لما
يحدث فى دول الربيع العربى الذى يبدو لهم «خريفاً» جاء لينال من الحلفاء
والشركاء لصالح المنافسين والأعداء. ولنفهم أولاً الصورة ثلاثية الأبعاد من
وجهة نظرهم.
أولاً، تحدى التحول فى نمط العلاقة: إن أنماط العلاقات الدولية
تنقسم إلى خمسة: تحالف، شراكة، حياد، منافسة، عداء. مصر فى عهد مبارك كانت
حليفاً قوياً لدول الخليج ضد أعداء هذه الدول سواء من الداخل أو من الخارج.
فى علاقات التحالف هذه يكون نمط العداء والصداقة تقريباً متطابقاً. على
عهد مبارك: مصر ومعها دول الخليج تقف على مسافات متقاربة من العداء مع
إيران وهذا كان أمراً مطمئنا بشدة للأشقاء الخليجيين. وعلى عهد مبارك
أيضاً: مصر ومعها دول الخليج تقف على مسافات متقاربة من الصداقة مع
الولايات المتحدة والدول الغربية. كل هذا انتهى، وحل محل نظام مبارك حكم
الإخوان، الذى قد يحول مصر من خانة التحالف إلى خانة رمادية يمكن أن تكون
شراكة أو منافسة أو ما بينهما من حياد (بمعنى السلام البارد). مع الأمل
بألا تكون أى مساحة للعداء.
ثانياً: تحدى الاستقرار. الإخوان يشكلون تحدياً مزدوجاً لمعظم دول
الخليج: فمن ناحية، هناك إخوان داخل كل دولة من هذه الدول، لا أتحدث عن
إخوان يحملون الجنسية المصرية، ولكن إخوان يحملون جنسية هذه الدول، وهم
يشكلون المعارضة الأقوى للنظم القائمة، حتى وإن كانت معارضة ضمنية وليست
ظاهرة على السطح فى كل الأحوال. ويعتقد الكثيرون من القائمين على الحكم فى
دول الخليج بأن فوز الإخوان بالسلطة فى أى دولة يغرى الإخوان فى بقية الدول
على أن يسيروا فى نفس الاتجاه. ولا ينسى الدارس لهذه المنطقة أن معظم
«الانقلابات» العسكرية التى حدثت فى أعقاب ثورة 1952 التى أفضت إلى انهيار
الملكيات وانتشار الجمهوريات تمت بمساعدة ودعم مصريين (نتذكر انقلابات
العراق، الجزائر، اليمن، ليبيا، وسوريا فى أكثر من محاولة انقلابية) غير
الانقلابات التى لم تنجح.
وهناك من ناحية أخرى تحدى التغيرات المحتملة لنمط التحالفات
الإقليمية والدولية التى استقرت على عهد مبارك. هناك مخاوف حقيقية أن هذه
التحالفات ستتغير أو على الأقل ستمر بفترة من عدم الاستقرار بسبب احتمالات
التقارب المصرى الإيرانى، وهذا هو الخطر الأكبر على دول الخليج. ولا شك أن
زيارة الدكتور مرسى لإيران من حيث المبدأ كانت مقلقة، وما خفف من تأثيرها
السلبى هو مضمون ما قال هناك.
ثالثاً تحدى النمط التنموى. كان المعتاد أن يفوز النمط الخليجى فى
أى مقارنة بين الدول العربية بشأن مؤشرات التقدم. النمط الخليجى يعبر عن
مجتمع أكثر محافظة سياسياً وأكثر رفاهاً من الناحية الاقتصادية، فى مواجهة
مجتمعات أكثر فساداً وأقل رفاهاً. المنافسة الآن ستكون مع نمط جديد ملامحه
لم تتشكل بعد، وتخوف الكثيرين فى دول الخليج أن يكون النمط الجديد أكثر
جاذبية لشعوب المنطقة من النمط القديم والتقليدى الذى كان يجعل النمط
الخليجى مقبولاً أكثر.
ما العمل؟
أخشى أن ننجرف إلى حرب باردة عربية، ولا أتصور أن مصر، حتى فى عهد
الإخوان، يمكن أن تغير نمط تحالفاتها، لأن اعتبارات الأمن القطرى والأمن
القومى لمصر يقتضيان أن يتم معالجة كل هذه المخاوف.
الدكتور مرسى وفريق عمله مطالبون صراحة بالتواصل الشخصى والإنسانى
مع قيادات دول الخليج؛ لإقامة علاقة تحالف استراتيجى جديدة تبدد المخاوف
وتحول معادلات العداء والتنافس إلى معادلات شراكة وتحالف.