[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]احفظ ابنتك «الشيماء» يا سيادة الرئيس مجدى الجلاد
هى فى الأربعين من عمرها.. متوسطة الجمال.. اعتادت أن تخفيه إلا عن
زوجها.. حجابها يضفى عليها المزيد من الوقار والعفة.. تلقيت اتصالها فى
ساعة متأخرة من الليل.. فى البدء قال لى زوجها: «لقد فشلت فى تهدئة روعها..
تكاد تختنق من الضيق والغضب.. قالت لى: لن أنام إلا إذا حدَّثتَ من يحمل
رسالتى إلى البلد كله.. اسمعها بنفسك»!
أعرف السيدة الوقورة وزوجها.. لم أصادفها يوماً فى حالة انهيار كامل
مثلما وجدتها أمس الأول.. بادرتنى باكية: «عارفة إنكم مشغولين فى
المظاهرات والخناقات على السلطة والحكم.. أنا كمان مشغولة بما يحدث مثلكم..
لكننى الليلة أشعر لأول مرة أننى أكره مصر.. نعم أكرهها، رغم أننى أعشقها
طوال عمرى.. فى عز الأزمات والمشاكل كنت أحبها.. بكيت أيام الثورة على
الشباب اللى مات برصاص الغدر وهو يدافع عن حريتنا وكرامتنا، كنت أحلم بوطن
يحفظ كرامة أبنائه وبناته.. ولكننى أدركت الآن زيف الحلم وأن كرامتنا باتت
على الرصيف».
تعثرت الكلمات فى حلقى.. حاولت تهدئة غضبها دون جدوى لم أقدر سوى أن
أنطق بعبارة واحدة «مصر كبيرة يا مدام و....».. قاطعتنى صارخة: «مش عايزة
شعارات ولا كلام نظرى.. اسمعنى.. انت عندك بنات؟!.. أجبت: «ثلاث»..
فاستطردَت: والدكتور مرسى عنده بنات؟!.. رددت: أيوه.. عنده شيماء.. فواصلت:
تخيل إن بنتك أو بنت الريس كانت الليلة الساعة الثامنة مساء بتزور مريضة
فى مستشفى خاص بوسط القاهرة.. البلد زحمة ومفيش ركنة عربية.. فاضطرت إلى
ترك السيارة على مسافة 300 متر تقريباً من المستشفى.. زارت المريضة لتكسب
أجراً عند الله عز وجل، وتربت على كتف إنسانة فى محنة.. ثم خرجت لتستقل
سيارتها.. هل فى ذلك شىء عيب؟ هل فعلت شيئاً غير عادى؟.. هل خرجت عن الدين
أو الأخلاق؟!
قلت على الفور: «لأ.. طبعاً».. فأضافت: وجدت فى الشارع تجمعاً
كبيراً للشباب.. فقلت لنفسى: عيد والناس بتحتفل.. لم تمر لحظات حتى وجدت
نفسى وسط أربعة أشخاص تبدو عليهم علامات الغياب عن الوعى.. تصمت السيدة
وتنهار باكية.. أحاول التخفيف عنها.. الكلمات لا تقوى على مواساتها.. أحسست
أنها لا تسمعنى.. هى تصرخ وتنتحب وكأنها تحدث نفسها.. ألتقط كلماتها
بصعوبة «بهدلونى.. شدوا الحجاب من راسى.. كنت أتشبث به حتى لا يسقط.. كانت
يداى على رأسى.. وكانت أيديهم تعبث بجسدى.. أخفض يداً لأحمى نفسى.. فتمتد
مائة يد لتغتال كرامتى.. صرخت طلباً للنجدة.. كانت سيارتى على بُعد خطوات،
وكنت أراها كأنها فى بلد آخر.. لم ينقذنى من أيديهم سوى رجل عجوز خرج من
مدخل عمارة على بُعد أمتار.. صرخ الرجل: «هو فيه إيه».. فروا مسرعين
وضحكاتهم تتعالى.. بينما لم يلتفت أحد من المارة، بعضهم رمقنى بنظرات
شفقة.. والبعض الآخر تمتم: «لا حول ولا قوة إلا بالله»!
دموع السيدة الفاضلة أغرقت هاتفى.. سألتها بغضب متفجر: «هل حررت
محضراً فى الشرطة»؟ صرخت السيدة: «محضر إيه.. وشرطة إيه.. هى فين الشرطة
دى.. فين الدولة.. فين الانضباط.. فين الأخلاق.. فين الضمير.. فين النخوة..
وفين مصر؟!.. لو أنا بنتك أو مراتك كنت هتقول لى اعملى محضر.. كنت هتستحمل
الفضيحة.. أنا جوزى راجل محترم.. وعندى ابن اتخرج من الجامعة وبنت على وش
جواز.. عايزنى أبقى مادة فى الشرطة والنيابة والصحافة والتليفزيون؟!».
اعتذرت لها رغم قناعتى بضرورة ملاحقة هؤلاء الذئاب.. غير أنها
بادرتنى بما دفعنى إلى تغيير هذه القناعة: اسمع القصة مش إنى بلغت الشرطة
ولا لأ.. الحكاية أكبر من كده بكتير.. الدولة مسئولة عن كرامة وأمن
المواطنين.. والتحرش عمره ما هينتهى فى مصر ببلاغ من بنت أو سيدة.. طيب
ماهى مصر كلها عارفة إن فيه تحرش بالكوم من كام سنة.. والعالم كله عارف إن
التحرش تضاعف وأصبح ظاهرة خلال العامين الأخيرين.. هل تحرك أحد؟.. هل قال
لنا الرئيس الجديد كيف سيقضى على جريمة تغتال بناته فى الشوارع؟
لحظات قليلة من الصمت.. ثم أردفت: أنا عايزة رسالتى توصل للدكتور
محمد مرسى.. انت يا ريس مسئول عنا جميعاً أمام الله.. وأنا وكل مصرية زى
الشيماء بنتك.. احفظ الشيماء من كلاب السكك.. وإلا سنكره مصر جميعاً..
وسنأتى إلى مقر الرئاسة ونصرخ: «لماذا لا تحمينا مثلما تحمى ابنتك
الشيماء»؟!
.. يا أستاذ مجدى.. هل ستصل رسالتى إلى الرئيس؟! قلت لها وهى غارقة فى دموعها: «سأفعل.. وها أنا أفعل يا أبا الشيماء».