[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الأمن القومى بين المدنى والعسكرى معتز بالله عبد الفتاح
من أخطر القضايا فى مراحل التحول الديمقراطى الهندسة المؤسسية
المرتبطة بقضية الأمن القومى من ناحية، والعلاقات المدنية العسكرية من
ناحية أخرى؛ لذا فإن أكثر من 80 دولة من دول العالم تبنت صيغة «مجلس الأمن
القومى» تحت صيغ وأسماء مختلفة، ولعل دولة مثل تركيا لها نصيب كبير من
الدراسة بحكم ما لها من خبرة فى تأرجح العلاقة بين السلطات المنتخبة وبين
قيادات الجيش سواء عبر وسائل رسمية أو غير رسمية، وصولاً لتعديلات آخر
ثمانى سنوات التى انتصرت إلى علاقة إخضاع مؤسسات الأمن القومى لقرارات
القوى المدنية المنتخبة دون إغفال أن اعتبارات الأمن القومى، وليس مصالح
أفراد قيادات القوات المسلحة، تقتضى بأن يكون هناك دور هام للقيادات
العسكرية فى تحديد الأولويات ووضع السياسات، ولهذا فإنه من المنطقى أن نجد
فى دستورنا القادم نصاً من قبيل: «رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات
المسلحة وهو يرأس مجلس الأمن القومى ويحدد التوجهات العامة للسياسة
الخارجية للدولة».
ولكن هناك ثلاثة أنماط لمجالس الأمن القومى، هناك نمط المجلس
الاستشارى الذى يقدم فقط المشورة للرئيس مثلما هو الحال فى معظم الدول
الغربية، وهناك نمط المجلس الوصائى الذى يبدو فيه الرئيس ومعه المدنيون
وكأنه واحد ضمن عدد كبير من المسئولين العسكريين الذين يديرون ملفات الأمن
القومى وهو ما رأيناه فى تشكيل مجلس الدفاع الوطنى فى الإعلان الدستورى
المكمل، وهناك نمط المجلس الاستشارى التشاركى، والذى تكون فيه الغلبة
للمدنيين (أو ربما التساوى بين المدنيين والعسكريين) مع وضع نصاب عالٍ لصحة
اجتماعاته (عادة الثلثين) بحيث لا يجتمع المجلس إلا بحضور عدد كاف من
الطرفين؛ لذا فإن إحدى الأفكار المطروحة هى أن ينص الدستور على: «ينشأ مجلس
للأمن القومى يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، بعضوية وزير الدفاع، ورئيس
الأركان، ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى ووزير الخارجية
ووزير الداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس المخابرات الحربية ورئيس
لجنة الأمن القومى بمجلس الشعب، ورئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى،
(ولأسباب تقدر بقدرها يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد لا يزيد على اثنين من
قيادات القوات المسلحة الحاليين أو السابقين).
ولا يصح انعقاد المجلس إلا بدعوة من رئيس الجمهورية أو من رئيس مجلس
الشعب فى حال خلو منصب الرئيس، ولا يكون انعقاد المجلس صحيحا فى كل
الأحوال إلا بحضور ثلثى أعضائه وتصدر قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
ويكون اختصاص مجلس الأمن القومى مقصورا على الأمور المهنية المرتبطة
بالسياسة الخارجية والأمنية وليس له علاقة بالسياسات الداخلية للدولة،
ولهذا أتوقع نصاً من قبيل: «يختص مجلس الأمن القومى بالشئون الأمنية
والقوات المسلحة واختيار قياداتها ووضع القواعد التنظيمية لعملها ويبين
القانون نظام عمله واختصاصاته الأخرى، ويؤخذ رأى هذا المجلس بشأن التدابير
الدفاعية وفى حالة إعلان الحرب وعقد الصلح وموازنة الدفاع وإدارة القوات
المسلحة وتنظيم العمل بها، وتلزم موافقته عند استدعاء وحدات من القوات
المسلحة للقيام بمهام الأمن الداخلى وحفظ النظام أو مواجهة الكوارث
الطبيعية».
ولما كانت قضية الدور الاقتصادى للقوات المسلحة وميزانيتها من
القضايا الحيوية، فأتوقع نصاً من قبيل: «تناقش بنود ميزانية القوات المسلحة
فى جلسة خاصة لأعضاء مجلس الأمن القومى والقيادات العليا للقوات المسلحة
وأعضاء لجنة الأمن القومى فى مجلس الشعب، وترفع لجنة الأمن القومى بمجلس
الشعب تقريراً بنتائج أعمالها للعرض على مجلس الشعب فى جلسة مغلقة بما لا
يخل باعتبارات الأمن القومى».
هذا اجتهاد، ومن جاء بخير منه، قبلناه شاكرين.