[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]معهد كارينجى يحذّر: شبح عدم الاستقرار يخيم على سيناء.. والعنف السيناوى تحد علنى للسلطة السبت، 17 مارس 2012 - 01:58
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بدو سيناء
كتبت - ريم عبدالحميد وإسماعيل رفعت
حذر معهد كارينجى الأمريكى للسلام الدولى من أن شبح عدم الاستقرار
يخيم على شبه جزيرة سيناء، وقال المعهد فى تقرير بدورية «صدى» التى يصدرها
بشكل أسبوعى إن سيناء فى مرحلة ما بعد الثورة، ومثل كل أجزاء مصر، عانت من
غياب الأمن، لكن بعد انهيار نظام مبارك، تمت زيادة الاهتمام قدرا بالوضع
الأمنى الهش فى سيناء.
وتحدث التقرير عن أعمال العنف الأخيرة بين القوات التابعة للدولة والبدو،
مشير إلى أنها ليست جديدة، فالهجمات على البنى التحتية الحكومية وعمليات
خطف المسؤولين الأمنيين تحدث منذ ثمانينيات القرن الماضى، رداً على سياسات
القمع والتهميش ضدهم من قبل الدولة، حتى جاءت الثورة لتضعف بقدر كبير قدرة
الدولة واستعدادها أيضا على استمرار سياسة القمع، واستغل البدو حالة الفراغ
تلك ولجأوا إلى ما أسماه التقرير أشكال من المقاومة القتالية تزداد جرأة
وعلانية.
ورصد معد التقرير جوشوا جودمان، الباحث فى العلوم السياسية بجامعة يال
الأمريكية دوافع عنف البدو، وحاول وضع عدد من الحلول لمشكلاتهم. وقال إنه
فى شمال سيناء طالما اشتكى البدو من إقصائهم عن المشاريع الزراعية
والصناعية، خاصة أن التطوير الذى تم إدخاله على قطاعى الزراعة والصناعة،
بتمويل حكومة قد ألحق أضرارا شديدة بالمحاولات التى يبذلها أبناء القبائل
البدوية للحفاظ على اكتفاء ذاتى اقتصادى.
ومن ناحية أخرى، يشكو البدو بشكل مستمر من تعرّضهم للضرب والتوقيف بشكل
عشوائى، ويبررون اللجوء إلى العنف باعتباره الطريقة الوحيدة التى يمكنهم من
خلالها مواجهة سياسة القهر التى تمارسها الدولة ضدهم، فيرد البدو على
الاعتقالات فى صفوفهم باقتحام المنشآت الأمنية، واختطاف مسؤولين أمنيين، ثم
الإفراج عنهم مقابل إخلاء سبيل أفراد عائلاتهم الموقوفين، كما يردون على
تدمير الدولة لممتلكاتهم بشن هجمات على بناها التحتية، وهو ما يتجلى فى
التفجير المتكرر لخط أنابيب الغاز المصرى الإسرائيلى، ضمن أسباب أخرى.
وفى جنوب سيناء ترفض الحكومة باستمرار مطالب البدو التقليدية بنصيبهم من
الأراضى والموارد وحقوق الاستفادة، وذلك فى محاولة لإبعادهم عن الأراضى
المربحة التى يسعى المتعهّدون فى الصناعة السياحية إلى الاستيلاء عليها
نادرا ما يتحول النزاع فى جنوب سيناء إلى عنف مماثل لما يحدث فى الشمال
بسبب طبيعة صناعة السياحة.
ويرى التقرير أن البدو فى جنوب سيناء استطاعوا أن يحصلوا على نصيب لهم فى
قطاع السياحة، حيث مكنتهم قدرتهم على تشغيل الاقتصادات السياحية غير
النظامية، من تجاوز الضوابط المعتادة التى تفرضها الدولة والمنتجعات
متعدّدة الجنسيات، كما أن السياحة فى سيناء تعتمد إلى حد كبير على
الاستقرار السياسى، ولذلك من شأن أى اضطرابات يتسب بها البدو أو الدولة أن
تضر بالمصالح الاقتصادية للطرفين.
و تمكّن البدو فى الجنوب أيضاً من الإفادة من التهريب، ولاسيما نقل
المخدّرات إلى وادى النيل الذى لطالما كان نشاطا موثّقا فى الاقتصاد
المحلّى، فمنذ فرض حدود بين غزة والعريش فى مطلع القرن العشرين، يمرّ
التهريب فى شكل أساسى عبر الجنوب، ونظراً إلى أن البدو فى الجنوب يتمتّعون
الآن بفرص اقتصادية أكبر نسبياً، يسهل أن نفهم بعض الدوافع وراء تواطؤ بدو
الشمال فى عمليات التفجير التى استهدفت منتجعات سياحية فى الجنوب فى مطلع
القرن الحالى.
وأشار تقرير كارنيجى إلى أن عمليات البدو الأخيرة التى تمثلت فى اختطاف
سائحين أجانب ومحاولات لتبادل الرهائن تقود إلى إعادة النظر فى التفجيرات
التى شهدتها مناطق طابا ودهب وشرم الشيخ على ضوء الاضطرابات الحالية.
ويتابع كارنيجى قائلاً: إن الخط الفاصل بين المقاومة القبلية والإرهاب
الإسلامى ينهار بسرعة فى الشمال، وإخفاق الدولة فى التمييز بين الأمرين
يؤدى إلى عقوبات جماعية تفرض أنواع العقاب نفسها على مختلف أشكال العنف،
سواء كانت أعمالاً إرهابية أم مجرد حوادث إجرامية معزولة، مما يؤدى إلى
تعاظم الاستياء القبلى ويدفعهم نحو أشكال من العنف أكثر دموية من التمرد
القبلى التقليدى مما يزيد من تأجيج هذه المشكلة.
فضلاً عن ذلك، أن التقدّم «الملحوظ» الذى سُجِّل فى أعقاب الربيع العربى
نحو تحقيق اندماج أكبر «ولو ضعيف» فى دلتا النيل، لا نجد له أى أثر فى
سيناء. وقد جاءت الاتّهامات بممارسة التزوير الانتخابى على نطاق واسع وعدم
احتساب أصوات البدو، إثر هزيمة المرشّحين القبليين فى الانتخابات الأخيرة -
لا سيما المرشّحين التابعين لقبيلتَى القراشة والمزينة فى الطور عاصمة
جنوب سيناء - لتعزّز شعور البدو بالإقصاء. وبلغت التشنّجات ذروتها فى يناير
الماضى مع إضرام النيران فى مركز الانتخابات وحرقه، وفى تطوّر نادر،
اندلعت صدامات مفتوحة بين أبناء القبائل ورجال الأمن فى الجنوب.
لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الجيش قد يكون مستعدّا لمعالجة هذه
المظالم بصورة مباشرة. ففى الأشهر القليلة الماضية، عفت الإدارة العسكرية
عن عدد من أبناء القبائل المُدانين بجرائم مختلفة فى شمال سيناء، وذلك فى
محاولة واضحة لتبديد مشاعر الغضب لدى البدو. وختم جودمان تقريره بالقول إنه
فى ظل غياب الخطط لتحسين الظروف الاقتصادية، تبقى شكوى البدو الأساسية من
الدولة قائمة، وأمام مصر فرصة هامة جداً كى تعيد تعريف حدود الدولة، وتجعل
المجموعات التى كانت مهمَّشة فى السابق تنخرط من جديد فى الحياة الوطنية.
لكن يبقى أن نرى ما إذا كان المسؤولون سيعالجون هذا النزاع أم سيستمرون فى
استخدام قبضتهم الحديديّة، التى هى فى الواقع قبضة فارغة.