الإخوان.. والحرية والعدالة.. لمن السياسة؟

February 17th, 2012 9:49 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أحمد عبد التواب




هذه معضلة تستعصى على الفهم والقبول:

يقول بعض أعضاء حزب الحرية والعدالة إن حزبهم حزب سياسى مدنى وإنه مفتوح دون تمييز

لكل مصرى يرغب فى الانضمام ودون شرط الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.

وهذا يعنى، وفقا للقواعد الحزبية فى النظم الديمقراطية، أن يتكون المؤتمر العام للحزب من ممثلى قواعد عضويته على مستوى المحليات،

ويصير المؤتمر هو السلطة العليا للحزب لا ينازعه فيها جهة من خارج الحزب،

ويصبح من صلاحياته وواجباته أن يعتمد البرنامج السياسى للحزب، وأن يجيز خطط العمل التى تقترحها اللجان النوعية،

وأن ينتخب القيادات ويحاسبهم، وأن يعطى بعض سلطاته للمستويات القيادية، على أن تكون مراقبته على الجميع عند انعقاده..الخ،

وأن تناقش هذه الشؤون وغيرها دون تستر على أعضاء الحزب كلٍ فى مجال نشاطه وعلى قدر مستواه التنظيمى.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وهنا تبدأ أعراض المعضلة فى الإلحاح، لأن حزب الحرية والعدالة، ووفقا لما يقوله بعض قادته فى سياق آخر،

هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ويأتى التناقض من هذا القول الأخير لأنه لا يطرح العلاقة بين الحزب والجماعة بشكل صريح،

يحدد أين الالتقاء وأين الافتراق، كما أنه لم يحدد دور الجماعة وماهيته ومداه، وأبقى على الباب مواربا

أن يكون من شأن هذا الدور أن يجور على صلاحيات المؤتمر العام للحزب المشار إليها بل وقد يصل التجاوز إلى مستويات تنظيمية أخرى،

أو على الأقل ينازعها بعض صلاحياتها الأساسية، باتخاذه قرارات أو مواقف أو إصداره توجيهات وبيانات..الخ،

يمكن أن تكون خارجة عن الآليات التى تسير عليها الأحزاب فى النظم الديمقراطية، كما أنها فى الأصل تخرق القانون!

ولم يعد كل هذا مجرد هاجس بل صار واقعا، فقد ظهرت فى الأيام الأخيرة عينة من هذا التضارب

والتداخل بين دور الجماعة ومهام الحزب! ولا يمكن اعتبار هذه الأمور مما يخص شأنا حزبيا داخليا

وأنه لا يجوز لمن هو من الخارج أن يتطرق إليها، وإلا لانزلقنا إلى ما تدهورت إليه أمور الحزب الوطنى،

والتى تفاقمت وزادت وأضيفت على عيوبه الخِلْقية وتشوّهات ولادته!

ولا بأس من أن نتذكر أن الحزب الوطنى كان يخضع فى إدارته لغير آليات ما تعرفه الأحزاب الحديثة، لدرجة السير بشكل عكسي!

فالقيادات هى التى ظلت تعَيِّن القواعد، وتوظّف جميع المستويات القيادية من اللجان المحلية إلى المكتب السياسى،

وأيضا الأمانات النوعية، ولما أرادوا إسباغ الصورة الديمقراطية بعمليات انتخابات صورية، تصاعدت الشكاوى من الأعضاء بالتزوير،

فأثبت الحزب الوطنى التزامه المبدئى والعملى بالتزوير فى داخل الحزب أيضا!

وكان القبول بهذا والإذعان له والقصور عن تغييره من داخل الحزب، إضافة إلى عجز من هم خارجه عن القيام بالفضح الكافى

والإرغام على التغيير، من الأسباب الأساسية التى أدت إلى أن ينتهى الحزب الوطنى عمليا من كونه فى نشأته تعبيرا عن منظمة

تضم جماعة مصالح إلى أن يصير تنظيما عصابيا باتت مصالح معظم قياداته تتصادم مع الدستور والقانون..إلخ!!

وكانت السيطرة على الحزب وإدارته بغير الآليات الطبيعية

من أهم العوامل وراء تدهوره إلى دركه الأخير وتسببه فى كل الخراب الذى حاق بالبلاد!!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وأما التضارب مؤخرا بين دور جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، فكان منه تصريحات بعض قادة الإخوان من خارج الحزب

عن التفكير فى أن يتولى الحزب عملية تشكيل حكومة بدلا من حكومة الجنزوري! على أن يجرى هذا قبل انتهاء المرحلة الانتقالية!

برغم أن بعض قادة الحزب كان لهم تصريحات واضحة سابقة لا تحتمل التأويل

عن تمسكهم بجدول المرحلة الانتقالية وإعطاء الجنزورى فرصة لاستكمال مهامه حتى انتهاء المرحلة الانتقالية!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


والموضوع، كما هو واضح، يدخل فى صميم شؤون الحزب لا الجماعة التى أعلن قيادتها فيما سبق عن تفرغهم للعمل الدعوى

وتركهم أمور السياسة للحزب! وكان الغريب أن يتبع بعض قيادات الحزب من داخل البرلمان الرؤية الجديدة للجماعة ويعلن تأييده لحصافتها!

وهذا يطرح تساؤلا عن وضع عضو الحزب من خارج الجماعة الذى انضم للحزب بعد أن وثق فى استقلاليته

فى اتخاذ القرار! وكيف يرى الأمر المترددون من خارج الجماعة الذين كانوا يفكرون فى الانضمام للحزب؟

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وهناك أيضا التغيير المثير للدهشة فى موقف عدد من ممثلى الحزب فى البرلمان إزاء وزارة الداخلية ووزيرها

بخصوص كارثة ستاد بور سعيد بعد مباراة الأهلى والمصرى، فقد كان معظمهم متشددين فى الجلسة الأولى لمناقشة الموضوع

ووصلوا إلى المطالبة بسحب الثقة من الوزير ومحاكمته، ولكنهم، وعلى غير الوضوح فى الأحزاب التى تغير أو تطور مواقفها،

جاء انقلابهم المفاجئ فى الجلسة التالية فى الترفق بالوزير وجهاز الشرطة والتماس الأعذار..إلخ،

وليس هناك تفسير أقوى من أن مصدر التغيير جاء من الجماعة بعد أن اجتهد الحزب وقال أعضاؤه ما قالوه!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


يُضاف إلى ذلك التصريحات المتوالية من قادة الجماعة حول واحدة من أهم المسائل السياسية وهى الخاصة برئيس الجمهورية القادم،

وصفاته الشخصية وعلاقاته الحزبية، ومواقفه من القوى الأخرى ومواقفها منه، وتأكيدهم أنه لن يكون لهم مرشح للرئاسة..إلخ!

وكل هذا من أخص خصوصيات حزب الحرية والعدالة، وكان يُفترض مع تقسيم المهام أن تتوقف الجماعة عن مثل هذه الأقوال

منذ أن صار لها حزب، وإلا فإن الحزب يتلقى توجيهاته من جهة خارج هيكله التنظيمى، ويزيد من الحساسية أن هذه الجهة

هى جماعة تعمل فى النشاط الدعوى الدينى وهو ما يمنعه القانون على الأحزاب!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وقد يجوز التجاور مع هذا التناقض والتعامل معه مؤقتا، خاصة وأننا بعد فى الطور الأول من السعى لتأسيس الديمقراطية،

شريطة أن يكون هناك مسعى جاد تتضح تجلياته كل يوم للفصل بين الجماعة والحزب، بحيث يتسق الحزب مع شروط تأسيسه القانونية،

وأن يبقى للجماعة نشاطها فى فضاء العمل الدعوى والاجتماعى وما إلى ذلك، وإلا لخرج الحزب عن نصوص القانون

التى تمنع قيام حزب على أساس دينى، كما أن هذا عمليا سيحصر عضوية الحزب على الجماعة!

فكيف يقبل عاقل لا ينتمى لأفكار الجماعة ولا ينخرط فى نشاطها

أن ينضم إلى حزب يعرف مسبقا أنه يتلقى توجيهاته من خارج مستوياته التنظيمية؟

وقد يكون من المفيد فى هذا الصدد لحزب الحرية والعدالة، بل وللتجربة الحزبية جميعا، أن يكون له موقف حاسم

فيما يتعلق بما نُشر عن رفض الجماعة الخضوع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، لأنها تضع نفسها بذلك

فوق الجمعيات الشبيهة فى النشاط والتى يفرض عليها القانون أن يراجع الجهاز المركزى للمحاسبات مواقفها المالية.