بيان من الإخوان المسلمين عن أحداث الذكرى الأولى لثورة يناير 2011م
حلت الذكرى الأولى لثورة الشعب المصري العظيم ونحن نعيش في فترة انتقالية
قلقة، أُنجزت خلالها إنجازات جيدة، مثل: الإطاحة برأس النظام السابق ورموزه
وتقديمهم إلى المحاكمة، وحل مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية المزورة،
وحل الحزب الوطني ومباحث أمن الدولة، وتم إجراء انتخابات مجلس الشعب
بطريقة نزيهة، وانتخابات عدد من النقابات والجامعات، ووضعت خريطة طريق
لتسليم السلطة إلى المدنيين، وتطهير جزئي لوزارة الداخلية، وتعذر إنجاز
مجموعة من الأهداف، كما وقعت مجموعة من الأحداث المؤسفة مثل: غياب الأمن،
وانتشار الجرائم، وإطالة الفترة الانتقالية بتبعاتها من إيقاف عجلة الإنتاج
في كثير من المصانع، وتكرار صدامات دموية أضافت عددًا من الشهداء
والمصابين، وتأخير الانتخابات البرلمانية، وترحيل موعد تسليم السلطة، وعدم
تطهير أجهزة الإعلام والقضاء، وعدم اتخاذ إجراءات عملية في مجال العدالة
الاجتماعية، واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة، وبطء محاكمات المجرمين
والمفسدين.
قرر الإخوان المسلمون الاحتفاء بالمنجزات، وإعلان
التمسك والمطالبة بما لم يتم إنجازه، وذلك في فعالية كبيرة في ميدان
التحرير، وتأكيد الإسراع بتسليم السلطة إلى المدنيين.
كان ديدن
الإخوان في كل فعالياتهم الالتزام بالمبادئ والأخلاق، وسلمية العمل
والسلوك، واحترام حقوق الآخرين في فعالياتهم وآرائهم، وقد مر اليومان
(الأربعاء والخميس) بطريقة سلمية حضارية، إلا أن مجموعات من الشباب بدأت
بالعدوان على الإخوان يوم الجمعة بقذف الحجارة وغيرها، وحاولت هدم منصة
الإخوان في الميدان، وأطلقت هتافات بذيئة واتهامات باطلة، إلا أن الإخوان
تصدوا لهذا الأسلوب العدواني غير الأخلاقي بطريقة حضارية، ودافعوا عن
منصتهم وأنفسهم، وأصيب منهم عدد من الشباب، وقد كان في مقدورهم الرد بنفس
الطريقة أو أشد ولكنهم قرروا ألا يعكروا صفو هذه المناسبة الكريمة.
تزعم هذه المجموعات بأنهم الثوار، وأن غيرهم قد تخلى عن الثورة، ألا
فليعلموا أن الإخوان هم الذين مهدوا للثورة، وأمدوها بالوقود من رجالهم على
مدى عقود من الزمن، وبمظاهراتهم التي اندلعت ضد قوانين الطوارئ،
والمحاكمات العسكرية، وتعديل الدستور، والتوريث والتمديد، ومن أجل استقلال
القضاء، وقدموا آلافًا من شبابهم وشيوخهم إلى المعتقلات ثمنًا لهذه
المظاهرات، وشاركوا في ثورة 25 يناير من أول يوم فيها، وحموها طيلة
الثمانية عشر يومًا، لا سيما أثناء موقعة الجمل وما بعدها، وقدموا عشرات
الشهداء ومئات الجرحى.
على الجميع أن يعلم أن الثورة
والمظاهرات ليستا هدفًا في حدِّ ذاتهما، وإنما هما وسيلتان للتغيير الجذري
للنظام، ثم لا بد أن تنتقل البلاد من حالة الثورة إلى حالة الاستقرار، وأن
تنتقل من الشرعية الثورية إلى الشرعية الشعبية الدستورية، ونحن حتى الآن لم
نستكمل تكوين المؤسسات الدستورية الديمقراطية، وإنما تمَّ انتخاب مجلس
الشعب فقط وما زلنا على الطريق، وعندنا بعد أيام انتخابات مجلس الشورى،
لذلك نحن نرى أن الشرعية الدستورية بدأت في التكوين، لذلك ندعو الشعب أن
يظل يقظًا من أجل استكمال هذه المؤسسات الشرعية الدستورية، وأن تبقى
الشرعية الثورية السلمية لحين إتمام هذا الهدف.
ونود أن نذكر
الجميع أيضًا أننا مَن تمسك منذ بداية الثورة بأن الفترة الانتقالية لا يصح
مطلقًا أن تزيد عن الستة أشهر ولو ليوم واحد، وهذا ما قاله بالنص فضيلة
المرشد العام للمجلس العسكري في المرة الوحيدة التي قابلهم فيها، وأن الذين
ينادون بتسليم العسكري للسلطة الآن وفورًا هم الذين كانوا يتوسلون إليه أن
يبقى فيها سنة كاملة، وبعضهم مدَّها لثلاثة أعوام؛ بدعوى عدم جاهزيتهم
للانتخابات.
إن معظم أجهزة الإعلام والتي بدأت حملتها ضد جماعة
الإخوان مبكرًا لا تزال تصعد وتحرض وتثير الخصوم ضدهم، الأمر الذي نخشى معه
من أن يعاد إنتاج أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء بنتائجها الكارثية،
لذلك ندعوهم إلى أن يتقوا الله في دينهم ووطنهم وشعبهم وثورتهم؛ حتى تظل
سلمية راقية حضارية.
ورغم كل ذلك سنظل- بإذن الله- أحرص الناس على
وطننا وشعبنا الذي منحنا ثقته بالرغم من حملات الافتراء والكراهية من
الخصوم والإعلام، وسنظل على العهد منكرين لذواتنا معتزين بهويتنا ومبادئنا،
متوخين معالي الأمور، مترفعين عن سفاسفها.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96))(المؤمنون).
الإخوان المسلمون