أشهر
قليلة تفصل المصريين عن أشرس مواسم انتخابية في تاريخها الحديث، والتي
يتوه المصريون في تحديد مشاعرهم تجاهها، ما بين أقلية متفائلة بالتغيير
المقبل، وبين أغلبية متشائمة، ترى في الانتخابات المقبلة تكريسا للواقع
الحالي.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الجدل حول
الانتخابات المقبلة، سواء البرلمانية في نهاية العام الجاري، أو الرئاسية
في العام المقبل، دخلت جماعة الإخوان المسلمين النفق المظلم، بدلا من
محاولة
إعداد نفسها جيدا لخوض الانتخابات البرلمانية، التي قد تمنح الجماعة قوة،
تفوق ما حصلت عليه في انتخابات 2005، التي حقق فيها الإخوان 88 مقعدا، في
مفاجأة غير متوقعة، لذلك كانت الأزمات التي مرت بها الجماعة مؤخرا، مفاجأة
تبدو سعيدة، بالنسبة للحزب الوطني الحاكم، فالخلافات التي مرت بها جماعة
الإخوان، خلال الأسابيع الماضية، لم يكن خافيا ما بها من تنسيق بين أجهزة
الأمن، وعدد من قادة الجماعة، وعلى رأسهم عبدالمنعم أبوالفتوح، الذي خرج
من السجن قبل أيام قليلة من موعد انتخابات مكتب الإرشاد، والاقتراع على
اختيار خليفة لمحمد مهدي عاكف.
لقد اعتقد كثير من المحللين، أن أزمات
الجماعة المحظورة، سوف تحلها الانتخابات، لكن جاءت الانتخابات الداخلية،
لتزيد المنقسمين انقساما، فالصراع على لقب المرشد لا ينحصر فقط ما بين
القياديين محمد بديع ورشاد اليومي، لكنه يتسع ليرسم خريطة أكبر من
التصدعات الداخلية، التي فشل عاكف في ترميمها، طوال فترة ولايته، التي
انتهت دون أي بوادر تدعو للتفاؤل بالنسبة لمستقبل الجماعة، حيث عانت من
تشققات يعبرها البعض غير مسبوقة في تاريخهم، بينما يشير البعض الآخر إلى
الانتخابات الداخلية، باعتبارها واحدة من أخطر المنعطفات في تاريخ
الجماعة، وهو ما يطرح تساؤلات مهمة حول حجم تأثر الجماعة بالأحداث
الداخلية، لاسيما أنها تأتي قبل أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية، وهو
ما أعطى انطباعات بوجود أيد خفية تدفع الجماعة إلى المزيد من التفكك، قبيل
الانتخابات المصيرية المقبلة، أو بالأصح إلى تجفيف منابع الجماعة سياسيا،
واستنزافها في صراعات تفقدها كل ما لديها من تركيز، خلال الاستعداد
للمواسم الانتخابية.