صالح الجماعـــــة وصالح الوطـــــن

April 20th, 2012

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أسامة غريب

هل هناك خلاف على تضحيات جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل هناك من يشك فى أن أبناء الجماعة

قد دفعوا ثمنا فادحا نتيجة دخولهم فى صدام مع السلطة طوال السبعين عاما الماضية؟ لا أظن أحدا يستطيع

أن ينفى سنوات السجن الطويلة التى قضاها معظم كوادر الجماعة منذ مصر الملكية وإلى شهور قليلة مضت.

لكننى مع هذا أستطيع بضمير صافٍ أن أقر بأن كل تضحياتهم لم تكن من أجل الوطن الذى نعرفه،

وإنما كانت من أجل جماعتهم فقط. وفى ظنى أن أفراد الجماعة الذين تعرضوا للتنكيل

ما استطاعوا احتمال القهر والعذاب إلا بسبب اعتقادهم بأن صالح الجماعة هو نفسه صالح الوطن!

لقد كنتُ من ضمن قلة من الكتاب لم يسمحوا لأنفسهم أبدا بأن يتناولوا الإخوان بالهجوم أو النقد على أيام الرئيس الساقط،

ذلك الهجوم الذى كان يفتح الأبواب لأصحابه على مصراعيها للمال الحرام والمناصب الملوثة، ولكن بعد أن أصبحوا

فى السلطة ليس هناك ما يمنع من الإعراب عن الصدمة الشديدة فى أدائهم السياسى الذى يتسم بالأنانية واحتقار الوطن

واستمرار ترويج الفكرة غير الحقيقية بين قواعدهم بأن صالح الوطن هو نفسه صالح الجماعة. بطبيعة الحال لست أشك

فى أن قيادات الجماعة تعى جيدا أن مصلحة مصر شىء ومصلحة الإخوان المسلمين شىء آخر، لكن أغلب المنتمين

والمتعاطفين يجهلون حقيقة الأمر. ولا ينفى وجود شخصيات تتمتع بالاحترام وسط الجماعة

مثل عصام العريان ومحمد البلتاجى وغيرهما الحقيقة سالفة الذكر.. صحيح أن العقلاء والحكماء من أبناء الجماعة

يختلفون عن غيرهم بها ممن يتميزون بالاندفاع وضيق الأفق، لكنى أرى أن الشخصيات الإخوانية الأقرب إلى الثورة

أو تلك التى يمكن الحوار معها دون أن تشد شعرك من الغضب أو تضرب رأسك فى الحائط من الغيظ تتشابه

مع شخصيات مثل حسام بدراوى ومصطفى الفقى. تلك الشخصيات التى كانت تستطيع رغم عضويتها بحزب القتلة واللصوص

«الوطنى الديمقراطى» أن تتحدث بكلام رشيد من وقت لآخر، وذلك طبعا دون أن يكون لديهم استعداد لقول كلمة حق فى وجه

سيد الأنطاع. وما دمنا نتحدث عن تضحيات الجماعة فإننى لا أنسى واقعة قديمة حدثت فى الثمانينيات للدكتور عصام العريان

عندما قام ضابط حقير بصفعه على وجهه وهو نائب بمجلس الشعب! من المؤكد أن التعذيب البدنى الذى تعرض له الإسلاميون

فى السجون يفوق مئات المرات الصفعة التى أتحدث عنها، ولكن ما جعل هذه الصفعة تؤثر فىّ شيئان:

الأول كون الرجل عضوا منتخبا بمجلس الشعب، والثانى هو غليان الدم الذى شعرت به وقتها لدرجة تمنيت معها

لو رد العريان الإهانة بقتل الكلب الذى صفعه.. وقتها قلت لنفسى إن هذا الرجل يحمل مشروعا عظيما

دون أدنى شك جعله يضرب صفحا عن الجرح الشخصى الذى أصابه ويتجاوزه لما هو أهم. الآن بعد أن امتلك الإخوان

مجلس الشعب وصارت لهم مكانة سياسية اتضح لى أن المشروع الذى يحمله الإخوان لا نصيب لنا فيه تقريبا،

لأنه مشروع أممى كبير لن تكون مصر فيه سوى ولاية صغيرة فى دولة الخلافة التى قد تصل حدودها إلى الصين!

يتبـــــــــــــع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ولو أن دولة الخلافة هذه تضمن للمواطن المصرى صيانة قفاه من الضرب وتؤمّن له لقمة العيش دون أن يذله أحد

لما ترددت فى دعمها والانضمام إلى صفوف الإخوان من أجل إقامتها فى يوم من الأيام، لكن المشكلة أن الإخوان

فى رحلتهم معنا طوال العام الماضى لم تظهر لهم أى كرامات فى ما يخص الغيرة على أعراض وأقفية أهل مصر،

بل إنهم تماهوا أحيانا مع من أطلق الرصاص على الصدور، والخرطوش على العيون،

وسمح للمدرعات أن تمزق أجساد المصريين، وليس جديدا الحديث عن السؤال المنحط الذى تم تداوله بشأن

الفتاة التى ضربها الجنود وطرحوها أرضا وجردوها من ثيابها.. السؤال الواطى القائل: «وهىَّ إيه اللى وداها هناك؟».

وهذا فى الحقيقة ما يجعلنى أتساءل بكل الجدية عن قيمة التضحيات من أجل إقامة دولة كبيرة مترامية الأطراف يحكمها خليفة

أو سلطان يتعرض فيها المواطن لأن يتبول عليه الجنود أو يلقون جثته فى الزبالة بعد قتله؟ ما المميز والعظيم

فى أن نفتح ونغزو ونهزم الأعداء بينما المواطن البسيط يُضرب بالأحذية؟ وما الذى يدعو إلى الفخر فى إقامة إمبراطورية كبرى

يكون لمصطفى بكرى فيها مكانا متميزا؟ لقد كان لنا فى السابق إمبراطوريات من هذا النوع، وكان هناك خليفة للمسلمين

يمتد ملكه من أواسط آسيا حتى إسبانيا والبرتغال.. ولكن البلهارسيا فى ذلك الوقت لم تتوقف -كما الآن-

عن الفتك بالمواطن المصرى. وكانت لنا انتصارات باهرة ما زلنا نتغنى بها حين انتصر صلاح الدين الأيوبى على الصليبيين

وطردهم من بيت المقدس، أو عندما دحر سيف الدين قطز جحافل التتار ودفعهم بعيدا عن مصر، لكن الجنود العائدين من الحرب

اغتصبوا نساء الفلاحين تعويضا عن الحرمان الذى عانوه عندما أتوا بالنصر! ولا أريد أن أستدعى «الطُز» الشهيرة للمرشد السابق

مهدى عاكف عندما قال «طز فى مصر» بغرض الهجوم على الرجل، لأنى أعلم أنه لم يقصد حينها شتم مصر،

بل قصد أنهم أصحاب مشروع إسلامى كبير مصر جزء منه.. لكنى أستدعيها لأقول:

طُز فى أى مشروع لا يصون أعراض الناس ويحفظ كراماتهم حتى لو حقق صالح الجماعة!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]