«تأسيسية الدستور»

April 16th, 2012

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د.عماد جاد



عاودت القوى السياسية والمجتمعية المختلفة اتصالاتها من أجل الاتفاق من جديد على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية

التى سوف تتولى كتابة الدستور، والحقيقة أن الاتصالات بدأت مباشرة فى أعقاب صدور حكم محكمة القضاء الإدارى

بوقف تشكيل الجمعية التأسيسية وإحالتها إلى هيئة مفوضى الدولة،

ففى الوقت الذى اعتبرت فيه القوى المدنية المنسحبة من الجمعية، القرار بمثابة انتصار لرؤيتها

التى كانت ترفض طريقة تشكيل الجمعية وسيطرة أعضاء البرلمان على نصف المقاعد، وهيمنة تيار الإسلام السياسى

على غالبية المقاعد سواء من الداخل أو الخارج، فإن هذه القوى لم تبالغ فى الاحتفال، ولم تسع إلى استفزاز تيار الإسلام السياسى،

بل إن الاتجاه العام لدى التيار المدنى كان لتأكيد أن حكم محكمة القضاء الإدارى إنما جاء ليؤكد خطأ طريقة تشكيل الجمعية،

ومن ثم فهى تدعو إلى إعادة تشكيل الجمعية على النحو الذى يتلافى الأخطاء التى وقعت.

فى المقابل بدا واضحا أن تيار الإسلام السياسى -وتحديدا حزب الحرية والعدالة- قرر التوقف عن السجال حول ما جرى،

وتوقف عن الجدال، وقرر رئيس الجمعية الدكتور سعد الكتاتنى، وقف اجتماعات الجمعية،

وشدد على أنه لم يتقدم بطعن على حكم القضاء الإدارى، أيضا بادرت شخصيات قيادية فى «الحرية والعدالة»

بالاتصال بالقوى المدنية، طالبة منها بدء مفاوضات جادة من أجل الوصول إلى صيغة توافقية لتشكيل الجمعية التأسيسية.

وطالبت هذه الشخصيات بسرعة استئناف الجهود الرامية إلى الوصول لصيغة توافقية على تشكيل هذه الجمعية.


يتبـــــــــــع

من جانبها قررت القوى المدنية التى سبق لها الانسحاب من الجمعية التأسيسية أن تبدأ بنفسها أولا،

بمعنى أن تجرى فى ما بينها اتصالات وتعقد لقاءات من أجل التوصل إلى أسس محددة لما سوف تعرضه

على قوى الإسلام السياسى، فالمعروف أن قوى التيار المدنى وهى متنوعة، سبق وقد شكلت فى ما بينها

«الجبهة الوطنية من أجل مصر» على خلفية السعى لتوحيد جهودها ومواقفها ورؤيتها أيضا تجاه ما يجرى

بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية، وأيضا ما يتجاوز هذه القضية إلى التنسيق فى مواقف أخرى عديدة قادمة.

عقدت هذه القوى اجتماعا أوليا ناقشت فيه المبادئ التى تتمسك بها من أجل تشكيل جمعية تأسيسية توافقية،

وأكدت هذه القوى أنها تتمسك بثلاثة مبادئ أساسية. الأول أن تكون مساهمة البرمان فى الحد الأدنى،

فهذه القوى تطالب بأن يكون كامل الجمعية من خارج البرلمان، أما وأن هناك من يتمسك بتمثيل البرلمان،

فإنها ترى أنه كلما قلت نسبة البرلمان فى تشكيل الجمعية، فإن ذلك يكون فى صالح نجاح مهام هذه الجمعية،

وهنا يمكن الحديث عن نسبة رمزية تتراوح من 10 إلى 20%. المبدأ الثانى هو الاتفاق مسبقا على المبادئ الرئيسية

التى سوف تحكم عملية كتابة الدستور، أو بمعنى أكثر دقة التعديلات التى سوف تدخل على دستور 1971،

وهنا لا بد من الاتفاق على أن الأبواب الأربعة الأولى الخاصة بالحريات العامة والخاصة لن تُمس،

ولا بد من الاتفاق على ذلك كتابةً وبضمان من المجلس العسكرى باعتباره أعلى سلطة تنفيذية فى البلاد.

والمبدأ الثالث لا بد أن تتوزع عضوية الجمعية بحيث لا تُعطى غلبة لأى تيار سياسى، وأن لا يحتكر تيار فكرى

أو سياسى الغالبية التى تمكنه من تمرير مواد الدستور على النحو الذى يريد، وهنا لا بد أن تقدم كل الأطراف

حسن النية على أنها لا تريد اللجوء إلى الغالبية لتمرير ما تريد من مواد فى الدستور، هنا قد يتحدث البعض

عن أنه ينبغى أن تكون هناك ثقة بين الأطراف المختلفة، وأن الدستور سوف يكتب بالتوافق، وهنا نقول بوضوح شديد

وبصراحة إنه لا توجد ثقة بالفعل بين التيارات المختلفة، وإن هذه الثقة يمكن أن تبنى فى الفترة القادمة

نتيجة احترام الاتفاقات والتعهدات، وربما يكون احترام التعهدات والالتزامات

فى كتابة الدستور الجديد، اللبنة الأولى فى بناء ثقة مفقودة بين التيارات السياسية والفكرية.