[size=21]متى
نؤسّس لتربية عربيّة مستقبليّة
لمواجهة قيم العولمة الوافدة؟
مخطّط البحث
1. أهميّة التربية في الوقت الراهن
2. المذاهب التربوية عبر التاريخ.
3. التربية قديماً و حديثاً.
4. النظام العالمي الحالي يعولم التربية
5. تربية عربية مستقبليه
· عبد الرحمن تيشوري
AATAYCH @ SCS-net.org
مجاز من المعهد العالي للعلوم السياسية
قسم العلاقات الدوليّة
- مدرس في المعهد الصناعي- طرطوس
- دبلوم دراسات عليا/ في العلاقات
الاقتصادية الدولية عام 2001
- دبلوم تأهيل تربوي عام 2002
- لـه العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات السورية
طرطوس هـ /312298- 353870/
أهميّة التربية في الوقت الراهن
التربية قديمة قِدَمَ الانسان و كلّ انسان يحتاج للتربية صغيراً كان او كبيراً و قضيّة حاجة الانسان للتربية قضيّة دامغه كسطوع الشمس في رابعة النهار لا يختلف حولها اثنان.
- و من المعروف تاريخيّاً أن الأديان السماويّة اختطت طريقة مخصّصة في التربية لتحديد نسق القيم الأخلاقيّة و السلوك الاجتماعي و الانساني العام.
- و قد تطوّرت التربية و تنوّعت نواحيها و صار لها نظم مختلفة أوجدتها ضرورات التقدّم و احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كلّ عصر.
- و التربية أداة تغيير و هي سلطة تنفيذ و هي سور الأمّة من أجل الخلاص و هي درع الأمّة في كلّ مقاومة يحتاجها الدفاع عن المعاني القوميّة و الأخلاق و المبادئ الانسانيّة.
- و الذي ينظر الى مخرجات التعليم العام في الوطن العربي و في سوريا أيضاً يلاحظ أن أغلب الخرّيجين غير قادرين على تحليل و فهم ما يجري في العالم و بالتالي عدم القدرة على الردّ و التصدّي و تجنيب الأجيال الطالعة لعمليّة الغزو و غسل الدماغ الذي تمارسه أمريكا لإشاعة النموذج الغربي و تصدير القيم الغربيّة النفعيّة الأنانيّة. و المناهج التربوية الثقافية التي يبثّها التلفزيون المدشّش و شبكات الانترنت.
- هذا الزخّ اليومي لملايين الصور و الكلمات يجعل الناشئة عندنا يخضعون لمؤثرات عقلية و ذهنيّة و قيميّة تتعلق جميعها بالنمط التربوي الغربي و أشكال فهم هؤلاء للحياة.
- هذا التدخل السافر في تشكيل عقول شبابنا و نفسياتهم عبر غزو ثقافي تكنولوجي انترنيتي يفرض علينا التفكير في كيفيّة المواجهة و بناء تربية عربية مستقلّة تحافظ على المنظومات التربوية للشباب العربي و يلعب المعلّم الجديد المؤهّل تأهيلاً يناسب للردّ و القيام في المهمّة الموكولـة إليه دوراً كبيراً و هامّاً.
المذاهب التربوية عبر التاريخ
- التربية تغيّر أثوابها باستمرار و هي دائماً بنت العصر الذي تولد فيه و في كلّ عصر للتربية خصوصيات تلوّنها العقائد الاجتماعية و الدينية و السياسيّة.
- فالمدرسة المعرفية تركز على النموّ المعرفي و العقلي و تعتبره أساس النمو و تركّز على الحقائق و محتوى المعارف و المناهج.
- و المدرسة السلوكيّة تركّز على البيئة الطبيعيّة و الاجتماعية و النفسيّة و الحضارية و تعتبر البيئة هي الصانع الرئيسي للنموّ
- و التربية الغربية تترك الفرد حرّاً في الاتصال بكل المظاهر الاجتماعية الهامّة للتنشئة "وسائل الاعلام- نوادي- جمعيات- مسارح..."
- فيما النظريات الاشتراكية وضعت السياسات التربوية بطريقة تضطلع الدولـة فيها بمهام التنشئة المتكاملة للفرد.
- وبشكل عام توجد انواع من التربية: منها التربية الليبرالية و التربية الاشتراكيه و التربية القومية.
- و من أكثر انواع التربية انتشاراً في العالم اليوم هي التربية الأداتيه النفعية التي أسّسها و فلسفها و روّج لها الأمريكي جون ديوي و زملاءه. و التي تقول بأن التربية هي الحياة نفسها و يجب أن تصمّم المواقف التربويه بما يشبه مواقف الحياة نفسها.
التربية قديماً و حديثاً
التربية عملية اجتماعية في مضمونها و جوهرها و اهدافها و وظيفتها و لايمكن فصلها عن المجتمع و هي تعبّر عن حاجة الأفراد و حاجة المجتمع و هي عمليّة طويلة الأمد واسعة النطاق متشعبة الجوانب متداخلة العناصر تقتضي توفير الشروط اللازمة لنموّ الطفل و الشاب نموّاً صحيحاً سليماً.
صحيحاً من جميع النواحي الجسدية و النفسيّة و المعرفيّة و العقليّة و الأخلاقية و المهارية.
التربية قديماً عند اليونان "مثال":
أفلاطون "427- 347 ق.م".
من اقدم الذين عنوا بمسائل التربية و كتبوا عنها و ناقشوا مشكلاتها و تحدّث عن كيفيّة تربية المواطن الصالح و كيف يصل الفيلسوف الى السلطة.
و قال لن تنجو المدن من الفساد و الشرور الاّ إذا أصبح الملوك فلاسفة أو الفلاسفة ملوك و دعى إلى التخصّص و الحوار و نحن الآن و بعد 2400 عام من افلاطون لم نتعلّم الحوار بعد.
كما شكّلت التربية وتكوين الشباب الشغل الشاغل لأفلاطون. وبرأي افلاطون أن التربية من عمل الدولـة و على الدولـة العادلـة أن تشرف عليها.
التربية في العصور الوسطى
"التربية عند العرب"
كان العرب في العصور الوسطى معلّمي الشعوب و سادة الدنيا و قد اهتمّ فلاسفة العرب بمشكلات التربية و من بين هؤلاء عدد من كبار المربّين أمثال ابن سينا و الغزالي و ابن خلدون و قد تجلّت نظرة العرب للتربية على انّها إعداد للفرد لعمل الدنيا و الآخرة على حدٍّ سواء و سأعرض هنا أهمّ الآراء التربوية للفيلسوف ابن خلدون لأنّها لا تختلف كثيراً عن المذاهب الكبرى في التدريس و التربية اليوم.
· ابن خلدون 1332-1406م.
ابن خلدون إمام المؤرّخين و عميد المربّين و الانسان عنده مفكّر اجتماعي خاضع لقوانين الجماعة في علاقته بالآخرين.
- المبادئ التربوية عند ابن خلدون تنحصر في وجوب التدرّج و الإنتقال من المعلوم الى المجهول و من السهل الى الصعب و من الجزئيات الى الكلّيات و من المدرك المحسوس الى المدرك المجرّد و الاستعانة دوماً بالأمثلة الحسيّة.
التربية في العصور الحديثة
"التربية الاوربيّة"
- أخذ الاوربيون من العرب العلوم و الفلسفة و بذور المفاهيم التربوية الجديدة التي تقيم لجسم الانسان و صحّته وزناً و تعطي العقل و العاطفة و حريّة الفكر قيمة و أهميّة كبيرة:
- يعتبر جان جاك روسو (1712-1778م) رسول التربية الاوربية الطبيعية التي تدعو الى المساواة و العودة الى الحياة الطبيعية حيث طالب روسو بجعل التربية طبيعية بعيدة عن تأثير المجتمع الفاسد و مبنيّة على فهم و تلبية حاجات الطفولـة.
- هربرت سبنسر (1820-1903م) هاجم المناهج التربوية التي كانت سائدة في زمنه و أكّد على المفهوم النفسي للتربية عن طريق جعل التربية قائمة على اسس ثابتة من علم نفس الطفل.
- الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (1859-1925م) يلخّص لنا المبادئ التي يقوم عليها مفهوم التربية الحديث.
- انّ المدرسة يجب أن تكون مجتمع صغير تدبّ فيه الحياة.
- ان التربية مستمرة و ليست جرعة تعطى مرّة واحدة و إلى الأبد بل هي بحاجة إلى الاستمرار لأن العلم لديه دائماً شيء جديد يوافينا به.
- ان طريقة التدريس الملائمة هي التي تعتمد على الحوار و حلّ المشكلات و التعلّم الذاتي.
- مهمّة التربية إعداد الفرد للحياة في المجتمع.
- و التربية برأيه ليست مجرّد وسيلة للمعرفة بل لتربية المجتمع.
- و حسب ديوني ان المناهج المدرسية يجب أن تواكب التغييرات التي تحصل في الحياة.
فالمنهاج يتغيّر و الأهداف تتغيّر و الطرائق تتغيّر.
النظام العالمي الحالي
يعولم التربية
من الملاحظ منذ دخول القرن الحادي و العشرين و ربّما منذ العقد الأخير من القرن الماضي تجري عمليّة عولمة لكلّ شأن اقتصادي واجتماعي وتربوي وثقافي و أخلاقي و في إطار هذه العولمة التي غالبيتها قيم أمريكيّة مطلوب من امّتنا العربيّة و مطلوب من قطرنا الحبيب سوريّا أن نعيد النظر نحن و أشقائنا العرب جميعاً بما لدينا من نماذج و نظريات و طرق و مناهج و نجري عملية تأصيل لها من جديد آخذين بعين الاعتبار ما يدخل و ما ينفذ و ما يُعُولَمْ لنتخلّص من آثار عمليّة الغزو التي تمارس علينا في الصباح و المساء.
· ميدان التربية من اهم الميادين التي تتأثّر و التي تحتاج لاعادة الفحص النقدي ولإعادة البناء و لإعادة التكوين فالتربية وسيلة التغيير دائماً.
نحو تربية عربية مستقبلية
علينا في الوطن العربي و في سوريا إعادة تحصين الأجيال العربية الطالعة إزاء التراجع العالمي الذي حصل لنماذج الحضارة الاشتراكية و على التربية المستقبلية أن تتصف بالخصائص الرئيسية التالية:
- الانفتاح على ثورات العصر "المعلومات- الاتصالات- التقنية و الاعلام" بشخصيّة ثقافيّة مؤهّلة تحسّ و تتقن التعامل مع ادوات العصر الراهن مؤهّلة اختصاصيّاً و تربوياً و تقنيّاً.
- الاهتمام اكثر بالادارة التربوية التي أصبحت علماً لـه فلسفته و أصولـه و قواعده و أساليبه وطرائقه و ممارساته و التي هي أساس أي تطوير أو تجديد للتعليم و إعادة النظر بواقع الادارة التربوية و عدم تسمية أي مدير إذا لم يكن مؤهّلاً جامعيّاً و تربويّاً و تقنيّاً بدءاً من مرحلة رياض الأطفال و انتهاء بأعلى مراحل التعليم.
- يجب أن تتّصف التربية العربية الحالية و المستقبليّة بالفرديّة و الجماعيّة و التفاعليّة و تؤمّن التفاعل المستمر و التغذية الراجعه.
- يجب أن تتصف التربية العربيّة الحاليّة و المستقبليّة بالتوفيقيّة بين حاجات الفرد و مطالب المجتمع بحسب عمر المتعلّم و درجة نموّه:
- يجب أن تتصف التربية العربيّة الحاليّة و المستقبليّة.. بالعملية- الخبرويه- النظريه- التعبيريه- التواصليه- الابتكاريه- التركيبيه- الانتاجيه- الاستكشافيه- التوليديه- الادائية- التعاونيه- التشاركيه- التنوعيه- البدائليه- التأويليه- التساؤليه- النقديه- التقويميه- النواتجيّه- الأخلاقية- السيروراتيّه- التمهنيّه- المنفتحه
- فالمستقبل ليس واحداً ذا اتّجاه واحد بل هو عبارة عن وجوه ممكنة متعدّدة للمستقبل يظهر فيها إلى حيّز الوجود ما نختاره و نجهد في سبيل تحقيقه.
- إذاً علينا لمواجهة قيم العولمة الوافدة الخطيرة على شبابنا و مستقبلنا أن نؤسّس نظام تربوي جديد يعترف بالتعلّم على أساس الأداء الحقيقي الفعلي المتكرّر فليس المهمّ كيف نعلّم الفرد وأين نعلّمه بل المهمّ ماذا نعلّمه و نوعية اتقانه للتعلّم و حتّى نستطيع ذلك لا بدّ من إعادة النظر برأس العملية التربوية و سرّ نجاحها "المعلّم" بحيث نعرف كيف نختاره و كيف نعدّه و كيف نؤهّله و كيف نرفع مستوى حياته و معيشته حتّى يتفرّغ للتعلّم مدى الحياة و للتعليم مدى الحياة.
عندئذ نستطيع مواجهة العولمة و تفعيل التنمية و البقاء في القرن الحادي و العشرين بهوية و تجربة
· عبد الرحمن تيشوري
طرطوس هـ /312298- 353870/
AATAYCH @ SCS-net.org
مصادر مراجع البحث:
1. وثيقة استشراف مستقبل العمل التربوي.
2. مجلّة الاشراف التربوي- عدد كانون الأول 2002- مقال حول التدريس الفعّال.
3. محاضرة بعنوان التربية العربية بين الأصالـه و العولمة د.فايز عز الدين.
4. علم النفس التربوي- د. علي منصور- كتاب مقرر لطلبة دبلوم التأهيل التربوي.
5. حوار مع د.محمد السيد وزير التربية حول النهوض بالعمل التربوي- جريدة الثورة عدد 11157 تا 27/4/2000. [/size]