[size=25]الســـلام عليـــكم ورحمة الله وبركــاته
دراسه بعنــوان / العقبات التى تضعف دور المرأة ومساهمتها فى التنمية الاقتصادية
لـ/رحــاب الشيخ إبراهيــم
مقـــدمه /
إذا ما أريد لمفهوم التنمية أن يغدو طريقة فى التفكير والعمل لمواجهة ما يحيط بنا من
تحديات فيجب أن يستهدف تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى (الحرية - العدالة- المساواة-الكرامة) فيتفق بالتالي مع تعريف التنمية بوصفها اكتساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية لجميع المواطنين والأفراد وتجسيدها فى التحسين المستمر لمستوى المعيشة المادي والروحي فلا تقتصر التنمية على أن تكون تحسين مستوى المعيشة وإشباع حاجات الإنسان الأساسية القائمة على التنعم المادي بل لتصبح أيضًا تيارًا فكريًا ينمو فى اتجاه أكثر شمولية يتسع للجوانب المعنوية في الحياة الإنسانية الكريمة مثل تحقيق الذات والتمتع بالكرامة الإنسانية الذي ينبغ من المشاركة الفعالة في شئون المجتمع كافة.
وإذا كانت المرأة في المجتمع تقارب الرجل من حيث العدد فمن البديهي القول بأنه لا
يمكن استبعاد هذا العدد أو عزله عن المشاركة فى عملية التنمية إذ لا تنمية أو حضارة أو تقدم دون مشاركة أفراد المجتمع، ولا كينونة لأفراد المجتمع دون إتاحة الفرصة للجميع عبرالتشارك والحوار.
ومن البديهي أن الوصول إلى المشاركة المثلى للمرأة فى التنمية يتطلب توفير
المقومات منها الذاتية لتتمكن من المشاركة (كالتعليم- والتأهيل والتدريب- والوعي
الاجتماعي) والمقومات البيئية الخارجية من قاعدة عمل اقتصادية تتوفر فيها فرص العمل المناسبة وتتشارك فيه المؤسسات المدنية بمختلف أنواعها كما تتوفر بجانبها مجموعة منالخدمات الاجتماعية المساعدة على دخول المرأة إلى الميادين المختلفة.
فإذا ما ألقينا نظرة على واقع المرأة فسنجد عوزًا شديدًا يتصل بالمعوقات كما سنجد
مجموعة كبيرة من العقبات التى تقلل من إمكانيات مساهمتها فى التنمية.
1- تتصف غالبية المجتمعات العربية بأنها مجتمعات ذكورية
تهيمن فيها صورة الرجل ككاسب للرزق والمرأة كربة منزل واجباتها الاعتناء
بشئون الأسرة اليومية ورعاية الأطفال وتربيتهم ومتابعة التزاماتهم المدرسية.
2- الاعتقاد بأن تعليم المرأة وعملها سيؤديان إلى تحملها أعباء
ومسئوليات تفوق قدراتها وإمكانياتها وهي ليست بالأساس من ضمن واجباتها مما
يتطلب منها طاقات خارقة لتستطيع انجاز كل ما يجب فى الزمن المحدد وعلى
أكمل وجه أو ستضطر للتخلي عن الكفاءة في الأداء وربما الاختيار بين أحد
الدورين داخل أو خارج المنزل.
3- الاعتقاد بأن تعليم المرأة وعملها الناتج عنه سيؤديان إلى
سيادة قيم الاتكال والتراخى فى نفوس الرجال وتهربهم من أداء الأعمال الخارجية
التى هي أساس مسئولياتهم وبالمقابل سيؤدي إلى زيادة الضغط النفسي والتوتر في
الحياة اليومية للمرأة مما يؤثر على كفاءتها وقدرتها على أداء الأعمال المنزلية.
4- خضوع المرأة لسلطة الأب أو الأخ فى القرارات التى تخص
التعليم أو اختيار نوعه أو مدته كما أنها ليست صاحبة القرار للالتحاق بالدورات
التدريبية.
5- الاعتقاد بأن التعليم يفقد المرأة فرصة الزواج المبكر.
6- أن الفقر عزز من نقص التعليم ونقص التعليم يؤدي إلى انتشار لمزيد من الفقر مما ينتج عنه الوقوع في دائرة مفرغة من الفقر وتدني التعليم.
7- الوصول غير المتساوي للفتيان والفتيات إلى الفرص التعليمية وتوظيفها في ترقية المجتمع ووجود ظاهرة التسرب المبكر للفتيات وخاصة فى المناطق الريفية وانتشار الأمية وضعف دور المنظمات الشعبية والأهلية إلى جانب المنظمات الحكومية فى مجال محو الأمية وخاصة بين الإناث.
8- انخفاض دافعية الفتيات للانخراط فى الكليات العلمية فى الجامعات وفى مشروعات البحوث والدراسات العلمية بتأثير الموروث الثقافي والعادات والتقاليد فالنسبة الغالبة من الفتيات ملتحقات في كليات العلوم الإنسانية حيث تصب معظم التخصصات التي تدرسها هذه الكليات فى تعزيز الدور التقليدي للمرأة (مدرسة- مربية) كما أن هذه التخصصات لا يوجد عليها طلب كبير في سوق العمل بينما يقل التحاقهن بشكل ملحوظ فى الفروع المطلوبة لسوق العمل مثل فروع الهندسة.
9- تصوير المرأة في معظم مناهج التعليم الأساسي على أنها مخلوق هامشى ضعيف تقتصر أعماله على الغسيل والكي وإيقاظ الأولاد واستقبال الزوج وتهيئة الفتاة للأعمال المنزلية وحث الابن على الدراسة والتعليم حيث لم تتطور المناهج بما يكفي لتحقيق تكافؤ أوسع بين الذكر والأنثى فيما يخص ثقافة العمل وثقافة المواطنة بحيث تعكس حقوق المرأة وقضايا النوع الاجتماعى (الجندر) بصورة واضحة.
10- عدم ربط مخرجات التعليم بسوق العمل وحاجات التنمية وإن تم ذلك لا يتم إتاحة الفرص لتكوين المهارات الكافية وخاصة عند النساء لكيفية استخدام هذه المعلومات.
11- تخصيص موارد مالية لمواجهة احتياجات التعليم والتدريب وهو ما قد لا تسمح به موازنة الأسرة وإذا كان الاختيار قائمًا أساسًا ولابد منه فسيكون وفق ما استعرضناه لصالح الذكر على اعتبار أنه كاسب الرزق والمسئول الأول فى الأسرة.
12- بالرغم من الانخفاض التدريجى لمعدل الخصوبة فإنه ما يزال من المعدلات المرتفعة وذلك لعدم ارتقاء خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة إلى المستوى المطلوب إضافة إلى العوامل الاجتماعية والدينية.
13- الانطلاق من وجود اختلاف بين الجنسين للوصول إلى القول إن النساء ناقصات القدرات والكفاءات أو الخلط المتعمد بين واقعة الاختلاف بين الجنسين وهى واقعة طبيعية وواقعة التمييز بينهما وهي واقعة اجتماعية تاريخية وصولاً إلى نظريات عدم المساواة بينهما بناء على هذا الخلط.
14- انخفاض مستوى إشراك المرأة في صوغ السياسات والبرامج البيئية وهذا ما ينعكس على استخدام الموارد المتاحة بالشكل الأمثل بما فيها وسائل الطاقة.
15- انخفاض مستوى الخدمات الاجتماعية وهذا ما يتطلب زيادة فى الوقت المخصص للعمل المنزلى والحاجة إلى مساعدة الفتاة مما سيؤثر على مدة ونوع تحصيلها العلمي كما أنه يؤدي إلى صعوبة التوفيق بين الأعمال المنزلية التى تؤديها المرأة والأعمال الخارجية بسبب غياب أو قصور المؤسسات الاجتماعية.
16- آلية تنفيذ القوانين والتشريعات التى ساوت فى نصوصها بين حق التعليم والعمل للجنسين إلا أن التطبيق العلمي لها يشير إلى أن التوجه نحو قبول المرأة فى الأعمال ذات الطابع الخدمي الذى يكاد أن يصبح عملاً نسائيًا متخصصًا قد أدى إلى توجهها نحو الدراسات الإنسانية مما جعلها أقل مشاركة فى المواقع ذات الأهمية المعاصرة.
17- التمييز بين المرأة والرجل فى بعض القوانين وهذا حصيلةالموروث الاجتماعي الذي تتناقله الأجيال.
18- ندرة البحوث والدراسات حول القيم المتوارثة والقيم الجديدة بهدف الوصول إلى منظومة القيمية تلبى حاجات الأمة فى الحفاظ على أصالتها وهويتها وتواكب مستجدات العصر وتواجه تحدياته بما يحقق استمرارية التقدم والتنمية.
19- تدني قدرة المرأة على التملك والإرث فى بعض المناطق لوجود بعض الأعراف السائدة مخالفة للقوانين والشرائع السماوية المختلفة التي لا تمنع توريث الأراضي الزراعية والممتلكات للإناث وهذا ما ينعكس سلبًا على تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا .
20- افتقار الوعى الاجتماعى لأهمية دور المرأة فى التنمية وفقًا للمفهوم الشامل الذى يتخطى المواضيع الكمية والأعمال القياسية لما تقوم به المرأة والذى له قيمة اقتصادية كبيرة والدليل على ذلك ما تقوم به المرأة في الأرياف ومناطق البداوة الزراعية والذي هو أساس اقتصاد هذه المناطق. أما فى المدن والمناطق الحضرية فيتخذ شك ً لا أكثر تأكيدًا على القيمة الاقتصادية للعمل المنزلي بسبب استعانة العديد من الأسر ببعض مؤسسات الخدمات الاجتماعية المساعدة (مدبرات المنزل- مطاعم - محال تنظيف- وجبات جاهزة..) لتقديم بعض الخدمات مقابل أموال تدفع لهم وهذا دليل على أن ما تؤديه المرأة له أضعاف قيمة أي جزئية يستعان بالغير لتقديمها وهذا ما يؤكد مصداقية ما طرحته منظمة العمل الدولية بأن "كل امرأة هي امرأة عاملة".
21- ضعف تقديرات الذات عند المرأة بتأثير أنماط التنشئة الاجتماعية والموروث الثقافي حيث لم تطرح قضيتها الأساسية ضمن رؤيتها لنفسها على أسس أنها مورد انساني تتوزع طاقاته وقدراته فى مختلف المجالات والفروع بل استغرقت فى نضالها المطلبي وانساقت وراء جزئيات متفرقة تحررها من اضطهاد الرجل أو المساواة به في جميع الميادين أو تعديل بعض التشريعات والنصوص أو الخروج للعمل بصرف النظر عن نوعه ومردوده أو التحول إلى ربة منزل عصرية بالمفهومين التقليدي والاستهلاكي معًا.
22- وعلى الرغم من أهمية ما سعت إلى تحقيقه خطط التنمية وفقًا لرؤية منطقية تتوافق مع العقل ولا تتنافى مع الأديان والشرائع فقد أغفلت إلى حد ما التركيز على القضية الأصل أو المرتكز الأساس في كل هذا وهو توفير القاعدة الاقتصادية المستقلة القائمة على النشاطات الإنتاجية والتي تعتمد على تشغيل كل القوى الاجتماعية القادرة على العمل والتي تعد المرأة انسانًا ومواطنة عاملة ذات إنتاجية تسهم في الاقتصاد ووفق قيمة مقاسة سواء كانت تعمل داخل المنزل أم خارجه وذلك وفق ما تحققه من نتائج.
23- الاعتقاد الخاطئ من قبل الرجل والمرأة أحيانًا بأن عمل المرأة خارج المنزل سيفقد الأسرة أو الرجل تحديدًا امتيازاته الشخصية ويحولها من الأم والزوجة المطيعة الصاغرة التي يحملون لها المحبة والعطف إلى الأم والزوجة المطالبة بمكاسب متنوعة يصعب على الرجل والأسرة تلبيتها.
24- وجود بعض القوانين التى تقيد حرية المرأة وتحد من فرص عملها بحجة الحماية وغيرها (إلزامها بالحصول على إذن من ولي أمرها للسفرأو العمل).
25- الركود الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة التي تعني تهميش الفئة الأقل تمكينًا وهي المرأة بالشكل العام وحرمانها من فرص العمل حيث أن صاحب القرار بالاختيار والتعيين يميل إلى استخدام الذكور الذين تزداد مؤهلاتهم وكفاءتهم وخبراتهم بحكم الفرص الكثيرة المتاحة لهم وتنخفض التزاماتهم الأسرية مقارنة بالإناث والذين لديهم المرونة الأكبر في قبول العمل وتحمل تبعاته.
يتبــــع ...
[/size]