[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]دروس من الاستفتاء معتز بالله عبد الفتاح
أولا، ليس صحيحا أن الشعب المصرى يؤيد الرئيس مرسى بنسبة كاسحة
أو أن المعارضين عدد محدود يعد بالآلاف. الحقيقة أن الدكتور مرسى اتخذ من
القرارات وقال من الكلمات وتراجع عن وعود بما جعل الكثيرين ممن انتخبوه
-والحديث لا ينصرف إلى نخب أو أسماء مشهورة- تندم على أنها أعطته صوتها.
ثانيا، كتبت فى هذا المكان من قبل عن أن الشخص فى موضع المسئولية
السياسية يمكن أن يكون رجل دولة يفعل الصواب حتى وإن لم يكن شعبيا، أو أن
يفعل ما يخدع به الناس وهو يضرهم، وضربت من التاريخ مثلين للرئيسين لينكولن
وفورد وكيف أنصفهما التاريخ بعد رحيلهما بفترة طويلة. ولكن لا شك أن هؤلاء
اتخذوا قراراتهم كى يوحدوا بلدانهم وليس كى يقسموها وكانت قراراتهم فيها
درجة أعلى من الحسابات والمشاورات مع القريبين والبعيدين، وتم حشد الطاقات
لها وليس الدخول فى معارك لم يكن لها معنى. لماذا لم يتأكد الرئيس من
الفترة الزمنية المطلوبة للانتهاء من الدستور بدلا من اتخاذ قرار بمد عمل
الجمعية لمدة شهرين؟ لماذا لم يكن الكلام محددا عن عدد محدد من القضاة ويتم
تحويلهم للجان الصلاحية بدلا من إطلاق كلمات تجعل قطاعا واسعا من القضاة
يهبون دفاعا عن أنفسهم وسمعتهم ومهنتهم؟ لماذا لم يكن قرار تغيير النائب
العام بالعودة إلى مجلس القضاء الأعلى كى يختار النائب العام الجديد إن كان
لا بد من التدخل بهذه الطريقة لتغيير النائب العام؟ والأسئلة كثيرة.
ثالثا، المعارضة السياسية أنجزت إنجازا مهما ينبغى أن تحافظ عليه
وهو أنها توحدت أو على الأقل نسقت فيما بينها على نحو رفع معدل التأييد
لخطابها برفض الدستور إلى معدل عالٍ فى المرحلة الأولى. وهذه هى قيمة
المشاركة دون المقاطعة، والحقيقة أن هذا أيضاً ينصرف إلى الحوار مع المخالف
لك سياسيا دون مقاطعته.
رابعا، ما زلت حائرا بشأن الاتهامات بوجود تجاوزات فى عملية
الاقتراع. وهذه التجاوزات بالنسبة لى أخطر من نتيجة الاقتراع ذاته سواء
كانت النسبة منخفضة أو عالية؛ فهناك دساتير مرت بنسب منخفضة للغاية من
التأييد ولكن ظلت هذه الدساتير سببا فى الانقسام والجدل القضائى والسياسى
والشعبى حتى بعد إقرارها، بما سيتطلب جهدا جهيدا من الجميع للتوافق بعد أن
زرعت وترسخت أسباب الانقسام. ومن ذلك تجربة بولندا حيث كانت نسبة المشاركة
فى حدود 43 بالمائة من المقترعين ومر الدستور بنسبة تقترب من 52.7 بالمائة
فى عام 1997 ولكن هذا يجعل هناك دستورا، ولكن لن تكون هناك الثقافة
الدستورية الواجبة. مثلما توجد إشارات المرور ولكن أحدا لا يحترمها. لذا
فإن الأصل فى ارتفاع نسبة التأييد (بفرض عدم التزوير) أنه مؤشر على القبول
العام (حتى وإن لم يكن الرضا) بقواعد العمل العام فى الدولة، وهذا ما كان
مأمولا ولكننا محترفون فى إضاعة الفرص وفرض الرأى.
ومع ذلك يظل الأخطر ألا يكون هناك قبول بالنتيجة لأسباب تتعلق بعدم
نزاهة عملية الاقتراع نفسها. والمطلوب من اللجنة العليا المشرفة على
الانتخابات أن تحقق فى هذه الادعاءات والاتهامات وأن تقدم للرأى العام
تقريرا شاملا عنها، وأن تعلن عن أى تجاوزات يترتب عليها تغيير فى النتيجة
وصولا إلى إلغاء نتائج اللجان موضع الخلل أو حتى إعادة الاستفتاء برمته.
خامسا، نحن لدينا مشكلة حقيقية فى قدرتنا على قبول الآخر. المسألة
ليست فى السياسة فقط، ودون الخروج على الموضوع فقد وجدت مجموعة من المصريين
يشجعون فريقا منافسا لفريق مصرى فى بطولة كانت تُلعب هذا الأسبوع ولم أعرف
ما السر فى أن يشجع مصرى فريقا ينتمى إلى الشعب اليابانى الشقيق!
أخيراً، أشير إلى خطأ جاء فى مقال سابق عن نسبة تأييد الفرنسيين
لدستور 1958، حيث ذكر فى المقال أنها كانت 63 بالمائة والصواب أنها كانت 83
بالمائة. وقع الخطأ، فلزم التنوية والاعتذار.