[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ضاع عقل الشارع يا ولدى! عماد الدين أديب
مَن فى هذا الوطن لم يُهاجم منذ الثورة حتى الآن؟
مَن لم يتم التهجم عليه شخصياً وفكرياً وسياسياً؟
مَن لم ينله مقال يسىء أو «تغريدة تويتر» «فى العظم» ومدونة على الفيس بوك تسعى إلى اغتيال شخصيته؟
هناك عنف لفظى، وقسوة شديدة فى الوصف، وانتهاك شديد لكرامات وحقوق
الناس، وتحطيم لكل قواعد الآداب العامة، واختراق كامل لصيانة سمعة الناس،
التى حماها كل دستور وجرّم التعدى عليها القانون.
هل هذه هى الديمقراطية المنشودة؟ وهل هذا هو حلم جيلنا بالحرية فى
التعبير؟ ولماذا لا نرى مثل هذه التجاوزات الحادة والعنيفة فى أى ديمقراطية
محترمة من ديمقراطيات العالم المتقدم؟
لم نر سياسياً أوروبياً يقول لزميله «حأضربك بالجزمة»، ولم نشاهد
على شاشات التليفزيون «يورو نيوز» نائباً يصف مسئولاً «بأنه شبه حمار»، ولم
نقرأ فى صحيفة أمريكية محترمة أن كاتباً أو سياسياً يصف بقية زملائه
بالعمالة.
نحن فقط، دون سوانا، الذين اتخذنا قراراً بإهانة بعضنا البعض، وتحطيم كرامات ومصداقية كل عقول ورموز وكفاءات هذا الوطن.
قررنا بدلاً من أن نتسابق على خدمة الوطن بشكل تنافسى فيه إنكار
للذات وتطوير للأداء نظهر فيه أفضل ما لدينا من قدرات، أن نقلل من قدرات
غيرنا وأن نحطم من مكانة منافسينا.
مصر الآن فى حالة من الشجار والتربص والعدوانية والغضب والشك وعدم الثقة فى النفس والغير.
مصر الآن فى حالة من تجزئة الجزء، وتقسيم المقسم رأسياً وأفقياً.
بمعنى أننا فى حالة شقاق وطنى ما بين تيارات الإسلام السياسى من ناحية،
والقوى المدنية من ناحية أخرى.
ومصر الآن أيضاً فى حالة غليان داخل كل تيار بذاته بسبب الاستعداد للانتخابات البرلمانية والصراع على غنائم المقاعد والدوائر.
مصر الآن كل طرف فى صراع داخلى مع نفسه وفى صراع خارجى مع غيره.
هذا الوضع يضعف من حالة إقامة علاقات سياسية صحية بين قوى صحية
متماسكة قادرة على صياغة مجتمع سياسى حى ومتفاعل مع تحديات الإصلاح
والتطوير.
ما نعيشه الآن، وما شهدناه فى ميدان التحرير مؤخراً دليل على حالة من الهستيريا الجماعية وفقدان بعض عناصر الأمة لعقلها السياسى.
الخطر الحقيقى ليس فى سوء الإدارة من الكبار، ولكن أن يفقد الشارع
عقله بدرجة يستحيل معها إدارته من قِبل حكومة، أى حكومة، حتى لو كانت تمتلك
الحكمة الكاملة والكفاءة اللانهائية!