[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المائة يوم الثانية معتز بالله عبد الفتاح
هناك احتمالان لتفاعل بعض القراء الأعزاء بهذه الكثافة مع مقولة
وردت بمقال الأمس: «ضعوا النار تحت كرسى الرئاسة، ولكن احرصوا على عدم
حرقه»، ربما لأنها تلخص معنى المعارضة العاقلة والبناءة من وجهة نظر مؤيدى
الرئيس، أو ربما هى عبارة اتخذها معارضو الرئيس كدليل على أننى أطالب
بمعارضته مثلما كانت تفعل المعارضة على عهد الرئيس مبارك: «نعارضه ولا
نضره».
والحقيقة أن المعيار النهائى هو احترام المؤسسات والمؤسسية، وإلا
سيتحول الأمر إلى فوضى. وهو ما حذر منه أحد أشهر الفلاسفة المحافظين فى
تاريخ العالم وهو إدموند بيرك وهو أن «جرثومة التمرد حين تصيب شعباً، لا
تخرج منه إلا بعد عدة أجيال»، ولهذا كان شديد الدفاع عن الملكية ومطالباً
بالإصلاحات السياسية من قِبل عائلة ويندسور الحاكمة فى بريطانيا حتى لا
يكون مصيرها مثل مصير أسرة البوربون فى فرنسا والتى انتهت بقتل كل من انتسب
إليها.
هناك مؤسسات لا بد من احترامها؛ سواء من الرئيس وحكومته وحزبه أو من
المعارضة وقيادات الرأى العام. صحيح أن جزءاً من هذه المؤسسات يرتبط
بدستور تتم كتابته وصياغته الآن، ولكن فى مصر تقاليد دستورية استقرت ولا
مجال للتنازل عنها مثل الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، وحرية
الإعلام المهنى، وإنشاء الأحزاب بالإخطار، واختصاص محكمة النقض بالفصل فى
صحة عضوية البرلمان، والتزام الرئيس بحد أقصى فترتين.
وإذا كان ذلك كذلك، فإن هذه المؤسسات هى الإطار الشرعى «الأساسى»
الذى ينبغى أن نتحرك من خلاله للتعبير عن رفضنا للرئيس أو لحزبه، والقول
بأنه «الأساسى» لا ينفى أن الإطار الأوسع لحرية الرأى والتعبير يشمل حقنا
فى أن نعبر عن استيائنا متى وجدنا إلى هذا الاستياء مبرراً. لكن شعارات من
قبيل «يسقط الرئيس القادم» و«الشعب يريد تغيير النظام» سيعنى أننا أسأنا
فهم معنى الثورة وأن «الثورة مستمرة» لا تعنى استمرار الفعل الثورى بلا
توقف، وإنما استمرار روح الثورة مع الواقعية فى توقع متى يمكن أن نرى
إنجازات على أرض الواقع.
ولهذا كان سؤالى: هل نريد أن ندير السياسة فى مصر بمنطق الأهلى أم الزمالك؟
مما أذكره أن مجلس إدارة النادى الأهلى كان يحاسب كل جهاز فنى بعد
إعطائه فترة كافية للحكم عليه، أما مجلس إدارة النادى الزمالك فكان مع أول
هزيمة أو اثنتين يغير جهازه الفنى إما بضغط من الجماهير الغاضبة أو بسبب
انقسامات داخل مجلس الإدارة نفسه. الأول راكم الانتصارات والبطولات، والآخر
أصاب مشجعيه بضغط الدم والسكر.
وبالمناسبة أنا لا أنتمى لأى منهما، لكن أستطيع التمييز بين المنطقين فى التفكير والإدارة، وكلاهما مصرى.
لذا فإن السؤال المطروح على الرئيس مرسى وحكومته يرتبط بالمائة يوم
الثانية. وبصدق أقول: لو لم نجد تحسناً حقيقياً بل ومبهراً فى المجالات
الخمسة التى وعد بها الرئيس خلال ثلاثة أشهر من الآن، فإن كل ما قيل من نقد
سيكون فى موضعه تماماً. والحقيقة أنه من الممكن أن يكون مقدمة لفاتورة
سيدفعها الرئيس وحزبه فى الانتخابات التشريعية المقبلة.
وبالإضافة للوعود الخمسة التى أطلقها الرئيس، كان المرء قد حدد خمس
مهام أخرى لا تقل أهمية للرئيس وهى: أمن بلا استبداد، تنمية بلا فساد،
دستور بلا استبعاد، إخراج العسكر من السياسة بلا عناد، ودور إقليمى فاعل
بلا استعداء. وهى كلها أمور لم تزل عصية على التقييم السريع والانطباعى.
ولكن هذا من واجبه. وهذا من واجبنا.
هذا ما أمكن إيراده وتيسر إعداده، وقدّر الله لى قوله. دمتم بخير.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]