[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يا مرشحى الرئاسة.. اتحدوا معتز بالله عبد الفتاح
هل تصدقوننى لو قلت لكم إن أهم أشخاص فى مصر الآن ليسوا من هم
فى السلطة، وإنما من هم فى المعارضة. والمثال الذى يحضرنى هو أنه بعد تحول
القطار من حالة السكون إلى حالة الحركة، فإن «الفرامل» تكون هى بطل المشهد؛
لأن عليها أن تضع حداً لهذه الحركة وإلا انقلب القطار.
والمعارضة المقصودة هنا هى المعارضة «العاقلة» أو المعارضة الموالية
للتقاليد الديمقراطية، التى تعارض النظام الحاكم ولا تعارض الدولة. تحترم
إرادة صندوق الانتخابات لكنها تراقب أداء من وصلوا إلى السلطة عبره. هى
تعارض بقدر ما يصلح النظام وليس بقدر ما يقتله، كالدواء يؤخذ بقدر حتى لا
يتحول هو بذاته إلى مصدر للداء. تضع القليل من النار تحت مقعد السلطة،
ولكنها حريصة على ألا تحرق المقعد؛ لأن الخروج على قواعد الديمقراطية مرة
سيعنى الخروج عليها مرات وبالتالى تعم الفوضى. ولو كان لى أن أستعير من
التاريخ الأمريكى مثالاً فقد كانت تلك المنافسة بين توماس جيفرسون، الذى
فاز فى النهاية بالرئاسة، وألكسندر هاميلتون الذى قاد المعارضة ضده. وهذا
الأخير كان من الفطنة أن يلعب دور المعارضة دون الإخلال بثلاثة شروط، وفقاً
له، وهى: أولاً ألا يدعم أى قوى خارجية ضد حكومة بلاده الشرعية، ثانياً،
ألا يسمح لأحد بتهديد استمرار واستقرار الاتحاد (يقصد وحدة الولايات
المتحدة الأمريكية)، وثالثاً، ألا يقول أو يفعل ما يهز من ثقة الشعب
الأمريكى فى المؤسسات والتقاليد الجمهورية، وكانت كلمة جمهورية تستخدم
آنذاك مثلما نستخدم نحن كلمة الديمقراطية.
وهذه هى مسئولية مرشحى الرئاسة السابقين ومعهم الدكتور محمد
البرادعى، نريد منهم معارضة بناءة وعاقلة وحريصة على صالح الوطن، تحترم
الديمقراطية بأبعادها الثلاثة: ديمقراطية الوصول للسلطة، وديمقراطية ممارسة
السلطة، وديمقراطية الخرج منها.
ومن هنا فإن الدور الذى يلعبه بعض السادة المرشحين السابقين من أجل
إنشاء تحالفات أو جبهات أو تيارات سياسية هى مسألة مقدرة تماماً. وهى
المدخل المنطقى لأن تنبنى الدولة الديمقراطية الناشئة على أسس سليمة، وهو
ما يقتضى منهم السعى إلى التعدد فى إطار الوحدة، والتنوع فى إطار التوجه
الواحد لأنه من غير ذلك فإن وجودهم لن يفيد المجتمع، بل سيضره.
يسأل سائل: ولماذا لا يتحد السيد عمرو موسى والدكتور محمد البرادعى
والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والسيد حمدين صباحى مثلاً فى كيان واحد يمثل
التيار الموازى والموازن للتيار الإسلامى؟
لو كان الأمر بيدى لأجبرتهم على ذلك، لأن الحاكم القوى فى غير
استبداد يحتاج إلى معارضة قوية فى غير تشرذم. ولكن من الناحية الواقعية،
أرى هؤلاء وكأنهم بدائل أكثر منهم متكاملين. بعبارة أخرى، العلاقة بينهم
ليست كالعلاقة بين القميص والبدلة، فهما يتكاملان حتى وإن لم تكن الألوان
متسقة تماماً. ولكن يبدو هؤلاء، وقد لاحظته من لقاءات قريبة، وكأنهم أنواع
مختلفة من البدل المتنافسة التى لا يمكن أن يرتدى الجسد المصرى منها إلا
بدلة واحدة.
لماذا التنافس سابق على التكامل بين رموز المعارضة المصرية؟
علم النفس سيقول لنا إن هذه الشخصيات تشكلت واستقرت على أنماط معينة
فى التفكير والسلوك تجعلهم أنداداً متقابلين وليسوا شركاء متكاملين.
علم الاجتماع سيقول لنا إن الثقافة السائدة فى المجتمع المصرى هرمية
يدير فيها الأعلى الأدنى بمنطق الأوامر وليس بمنطق الشراكة حيث يتعاون
الجميع من أجل هدف مشترك.
علم السياسية سيقول لنا إن الفاعلين السياسيين يتعاونون فقط عندما
تكون العوائد المحتملة للتعاون واضحة وجذابة من غير ما يكون هناك احتمال
لأن يقدم أحد الفاعلين السياسيين خدمة مجانية للآخرين يستفيدون منه وهو لا
يستفيد شيئاً.
علم التاريخ سيقول لنا إن هذا هو تاريخ مصر، ولا جديد. الانشقاقات
بين المنتمين للتيار الفكرى والسياسى الواحد هو جزء من تاريخ مصر حتى قبل
ثورة 1952.
إذن هناك مسئولية تاريخية ثقيلة على قيادات العمل السياسى من مرشحى
الرئاسة السابقين، أن يحققوا معجزة لا تقل فى صعوبتها عن أحداث 25 يناير،
بأن يتحدوا لموازنة قوة الإخوان والسلفيين حتى تكتمل سُنة التدافع فى
الكون، ومبدأ التوازن فى السياسة.. قولوا يا رب.