لا أخفى أنه ساعة إبرام عقد زواج ابنى الأسبوع الماضى قد انتابنى شعور ممتزج بالغيرة والفرحة،
حيث سيستقل بأسرته الجديدة وربما ينصرف عنى إلى مستقبله الذى ينتظره، ولم يسكننى إلا حال الإيمان
الذى أنطقه قول الله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر
أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيراً». (الإسراء:24، 23)،
وقد بادلته قوله تعالى: «فهب لى من لدنك ولياً يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً» (مريم:6، 5).
وأرجو ألا أكون مفشياً لسر، قبيل إبرام العقد عندما سألنى ولدى وقال: ما بال الزواج؟
فقلت بحسن نية: إنه سنة الله الكونية كما قال سبحانه وتعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم
الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها» (النساء:1)، حتى إن ابن حزم الظاهرى
قال إن الزواج فريضةعلى كل مستطيع كالصلاة والصيام عملاً بظاهر الأمر به فى قوله تعالى:
«وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم» (النور:32). وما أخرجه الشيخان عن عبدالله بن مسعود
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج
فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج»، وإن ذهب الجمهور إلى أن الزواج فى الأصل سنة وليس فريضة
عملاً بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «الزواج من سنتى، فمن رغب عن سنتى فليس منى». (أخرجه الشيخان من حديث أنس).
وشاغبنى ولدى، فقال: ولكنى أرى أن الآية الكريمة: «وخلق منها زوجها»
تدل على أن الرجل أفضل من المرأة؛ لأن الرجل خلق أولاً، فقلت: ألا تعلم أن إبليس خُلق قبل آدم،
وأن الله تعالى جعل معيار الأفضلية فى التقوى وليس فى أسبقية الوجود كما قال تعالى:
«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات:13).
وشاغبنى ثانية فقال: ربما يؤكد أن الرجل أفضل من المرأة أن الله تعالى خلق آدم من تراب أى من عدم،
أما حواء فقد خلقها من ضلع آدم أى من موجود، فقلت: إنك نظرت إلى المادة الخام
ولم تنظر إلى الصانع الخالق، ولذلك قال تعالى عن عيسى عليه السلام:
«إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون» (آل عمران:59).
فقال ولدى: عندى الساحقة الماحقة لإثبات أن الرجل أفضل من المرأة، وهى قوله تعالى:
«الرجال قوامون على النساء» (النساء:34)، فقلت: ما بالك ترى القوامة سيادة وسلطنة؟
فالقائم على الشىء هو الخادم له أو الحارس له، فكيف تجعل الخادم أو الحارس سيداً؟ وللحديث بقية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]