[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] خالد كساب
«مشكلة ذلك العالم الحقيقية أن الأغبياء والمتعصبين دائماً ما سوف تجدونهم واثقين من أنفسهم.. بينما العقلاء والحكماء والحقيقيون فقط هم من تملئهم الشكوك فى أنفسهم».. مقولة لـ «برتراند راسل» يمكننا أن نبدأ بها حديثنا عن المتخلف (الغبى والجامد ومحدود الخيال والذى يرى أنه الوحيد الذى يمتلك صك الحقيقة)
فى مواجهة المختلف (الحيوى والمتجدد والمبدع والنابض بالحياه والمنفتح على العالم
والمؤمن بأن ما لا نعرفه أضعاف أضعاف ما نعرفه بالفعل)..
لهذا تعالوا نراجع ما فعله العالم المتخلف مع كل مختلف..
العالم كان دوماً مكاناً قاسياً.. والناس لم تقابل الأنبياء بالورود..
لم يجلسوا فى هدوء وحكمة أمام سيدنا إبراهيم عليه السلام
وهو يخبرهم بضرورة تكسير أصنامهم ليتناولوا بعدها معاولهم وينهمكوا
فى تنفيذ ما أمرهم به.. ولكنهم ألقوه فى النار..
لم يقتنعوا بحكاية سيدنا عيسى عليه السلام الذى ولدته أمه بدون أن يمسسها بشر
ولم تاكل معاهم حكاية دعوته إلى السلام والمحبه.. ولكنهم صلبوه..
لم يستوعبوا حكاية الوحى الذى هبط على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
ليلقنه آيات من السماء ودعوه مفادها أن يتخلى الساده عن سيادتهم ويتوقفوا
عن شرب الخمر ولعب الميسر وعن اللهو والمجون وأن يصبحوا هم وعبيدهم أصدقاء..
ولكنهم ضربوه وقسوا عليه ونكلوا به وحاولوا قتله وطاردوه وحاربوه..
الناس عموماً لا يرحبون بهؤلاء القادمين إليهم بأفكار غريبه تختلف عما خبروه
وعرفوه طوال حياتهم.. حيث يصبح الموقف وقتها أشبه بمن يلقى كرسياً فى كلوب
كل تلك الحياه التى عاشوها من قبل.. ولكم أن تتصوروا موقف بشر جاء
من يخبرهم فجأه بأن كل ما عاشوه قبل ذلك كان محض هراء.. وهم كبير..
وأن كل معتقداتهم التى لم يعرفوا غيرها فى ذلك العالم كانت خاطئه..
منذ دخول إخناتون فى صراعه مع كهنته لإستبدال آمون بآتون..
وحتى دخول سيدنا محمد فى صراعه مع قريش لإستبدال آلهتهم الكثيره بإله واحد فقط..
طوال تلك الفترة لم يرى الأنبياء من العالم سوى القسوه
والهجوم والبطش قبل أن يقتنعوا بأفكارهم ويتبعوا دياناتهم فى النهايه!
و هذا هو نفسه ما حدث مع كل صاحب فكره جديده قادت البشريه
إلى مزيد من التقدم والرقى والنهضه.. فكل فكره جديده تخرج إلى الحياه
تنفى فكره أخرى قديمه.. ولأن لكل فكره قديمه أنصار تتمركز حياتهم حولها
وهم على استعداد للقتال من أجل عدم نفيها.. لهذا لم تخرج فكره جديده إلى العالم
إلا بعد أن دفع صاحبها ومبدعها التمن تالت ومتلت.. جاليليو الذى خرج على العالم
ذات يوم بنظريه مفادها أن الأرض ليست هى مركز الكون وأنها مجرد كوكب
ضمن مجموعة كواكب أخرى تدور حول الشمس إتهم بالهرطقه والتخريف والعبث
بمقدرات كوكبه.. مارتن لوثر كنج المحامى الأسود الذى خرج على البيض ذات مساء
بحقيقة غريبة وعجيبه مفادها أن الرجل الأسود ليس أقل من الرجل الأبيض فى شيء..
وهو ما أسفر فى النهايه عن إغتيال مارتن لوثر كنج
ووصول أوباما إلى البيت الأبيض كأول رئيس أمريكى أسود..
سبارتكوس العبد الذى قرر ذات ليله أنه لا يستحق العبوديه ليتحول بعد ذلك
إلى الهاجس الرئيسى الذى يؤرق عرش الإمبراطوريه الرومانيه بجلالة قدرها
هو وجيشه الضخم من العبيد.. والذى انتهت حياته مصلوباً على قارعة الطريق..
غاندى الذى حارب الإحتلال البريطانى الغاشم لبلاده بيديه العاريتين
وجسده النحيل ونول غزله البدائى.. تعاملوا معه فى البدايه كمجنون حتى تحررت الهند بفضل جنونه!
لهذا لا ينبغى عليكم أن تقلقوا كثيراً إذا ما تمت محاربة فكره نبيله
ومنتصره حتماً كفكرة الحرية.. فجميع العلماء والفلاسفة والمفكرين والأنبياء
تم إضطهادهم والوقوف فى وجه أفكارهم فى البدايه إلا أنهم جميعاً كانوا هم
المنتصرين فى النهاية.. إنها قوة الفكرة الأقوى من جيوش الأرض مجتمعة..
فالفكرة مستعصيه على القتل.. إذ ما الذى يمكن أن يفعله رتل عسكرى فى مواجهة فكرة ؟!.. لا شىء!
يقول «صلاح عبد الصبور».. «فى غرفتى دلف المساء.. والحزن يولد فى المساء لأنه حزن ضرير.. حزن طويل كالطريق من الجحيم إلى الجحيم.. حزن صموت.. والصمت لا يعنى الرضاء بأن أمنية تموت.. وبأن أياماً تفوت.. وبأن مرفقنا وهن.. وبأن ريحاً من عفن.. مس الحياه فأصبحت.. وجميع ما فيها مقيت»! [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]