الوزير فى أسبوعه الأولمعتز بالله عبد الفتاح
ما الذى يفعله الوزير فى أسبوعه الأول؟ بعد مطالعة بعض الخبرات فى بعض الدول،
وصلت إلى أن الوزير الجديد يمكن أن يركز فى خمس مهام.
أولا: عليه أن يجلس فى بيته لمدة ساعة أو أكثر وبتركيز شديد يكتب ما الذى يريده لوزارته أن تحققه.
يكتب صراحة ما الذى يحب أن يُكتب عنه وعن وزارته بعد أن يتركها.
يكتب رؤيته الذاتية الخالصة التى لا يتدخل فيها أحد.
ثانيا: عليه أن يختار ثلاثة أو أربعة أسماء ممن يثق فيهم على المستوى الإنسانى
وممن لهم خبرة بمجال عمله كى يشاركهم أفكاره ويسمع منهم أفكارهم
وأن يعدل فى أهداف وزارته التى وضعها بشكل شخصى
على النحو الذى يجعلها أكثر واقعية وأكثر جماعية. هذه المرحلة مهمة للغاية؛
لأن دولاب العمل الحكومى، إن لم يكن للوزير رؤية ذاتية، يمكن أن يحوله إلى موظف
يتابع الحضور والانصراف بشكل روتينى محض.. إذن فليبدأ الوزير من رؤيته الذاتية بما يريد لوزارته.
ثالثا: بعد أن يتوجه لمقر عمله،
عليه أن يقوم بمهمة التعرف على كبار المسئولين فى وزارته وأن يتعرف على
السيرة الذاتية لكل واحد منهم، وأن يحرص على أن يعمل خريطة تنظيم
(organization chart) (إن لم تكن بالفعل موجودة). وأن يعرض عليهم أهدافه كما استقر عليها
ويسمع منهم وجهات نظرهم.
رابعا: عليه أن يبادر بتشكيل مجلس أعلى للسياسات فى وزارته يكون فيه من المتخصصين،
وربما من الوزراء السابقين، ومن المتعاملين مع وزارته بمن فيهم من مواطنين عاديين
لكن لهم قدرا من التعليم، ويكون هذا المجلس مسئولا عن وضع الأهداف العليا للوزارة،
ووضع خطط التنفيذ، ووضع البرامج الزمنية، وأساليب التقييم لضمان عدم انحراف الوزارة
عن الأهداف، وتوضع محاضر الاجتماعات الرسمية فى الأرشيف للاطلاع عليها؛
وذلك لضمان أن يكون العمل الوزارى مؤسسيا ومبنيا على رؤية جماعية
طويلة المدى وليست مبنية على الأهداف الشخصية للسيد الوزير.
خامسا: بعد أن تكتمل رؤية الوزير ذاته لأعمال وزارته،
وبعد إحداث التغييرات المطلوبة على فريق عمله بالوزارة يكون مطالبا بتقديم هذه الرؤية
للسيد رئيس الوزراء وللرأى العام حتى يقنع الرأى العام بها وحولها. ولو كان الأمر يتطلب خطة إعلامية،
مثلما هو الحال مع وزارة الكهرباء فى ما يتعلق بترشيد الاستهلاك أو وزارة الداخلية
فى كيفية مكافحة الجريمة مجتمعيا، فلا بد من استدعاء خبراء فى مجال الإعلام للمساعدة فى هذا.
ومع ذلك لا بد من ملاحظة ثلاثة أمور:
أولا: الأولى هو الالتزام بخط الوزير السابق إن كان فيه ما يؤدى لتحقيق الأهداف العامة للوزارة.
وهذا لا يعيب الوزير فى شىء أن يأتى ليكمل على الخط السابق عليه ويحسن من الأداء فيه.
ثانيا: الأولى هو ربط أهداف الوزارة بأولويات برنامج الرئيس وبرنامج رئيس الحكومة؛
فلو كانت هناك مفاضلة بين مشروعين، على نفس مستوى الأهمية من وجهة نظر الوزارة،
وكان أحدهما يمكن أن يحقق الهدف العام لبرنامج الرئيس والآخر ليس مدرجا فى البرنامج،
فالأولى الالتزام بالخط العام لبرنامج الرئيس حتى يظل هناك خط واحد ناظم لعمل كل الوزراء.
ثالثا: الاستعانة بالخبراء والوزراء السابقين فضيلة كبرى؛ لأن الذاكرة المؤسسية
(أى تراكم المعلومات والخبرات التى توجد عند من لهم تاريخ طويل فى العمل الوزارى)
مسألة مهمة فى اتخاذ القرارات بشأن أولويات العمل الحكومى.
ربنا يوفق الجميع لما فيه خير هذا البلد.