حوار مع داود أوغلوأحمد منصور
سألت وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو عن التحدى الأساسى الذى يواجه الرئيس المصرى محمد مرسى الآن
وهو تحدى المائة يوم الأولى من الفترة الرئاسية التى تعهد الرئيس مرسى بأن يحل خلالها خمس مشكلات رئيسية
على رأسها المرور والأمن ورغيف الخبز،
فقال أوغلو: أنا متفائل لمستقبل مصر، أما خطة المائة يوم الأولى
يجب أن تكون ضمن خطة شاملة للسنوات الثلاث الأولى أو العام الأول على الأقل،
ففى البداية تكون الأمور صعبة للغاية، ومع صعوبتها يجب أن تعطى للناس شيئا يلمسونه،
الناس الآن فى مصر تحتاج الأمن؛ لذا يجب التركيز على الأمن، المرور وإشغالات الطرق يجب أن تكون لها أولوية
لكن يجب على الرئيس أن يطلب من الناس ألا يسائلوه قبل ثلاث سنوات،
ويجب ألا يعد بالكثير قبل أن يتلمس الواقع بشكل كامل،
على سبيل المثال الناس يطالبون برفع الرواتب لكنه لو رفع الرواتب، فسيحدث تضخم
وحينما يحدث التضخم فإن علاجه يكون صعبا؛ لذلك فإنى أعتقد أنه لا يجب رفع الرواتب إلا بعد أن يكون هناك نمو ملحوظ
حتى لا يحدث تضخم، وعلى أى الأحوال يجب ألا نفرط فى التفاؤل خلال المائة يوم الأولى،
نحن خلال سنوات الحكم الأولى قمنا بتعبيد ستمائة وخمسين كيلومتراً فقط من الطرق السريعة
لكننا فى الفترة نفسها بعد ذلك قمنا بتعبيد ألف وخمسمائة كيلو متر، فعجلة التنمية والانطلاق تعانى فى البداية
حتى إذا انطلقت تضاعف إنتاج كل شىء، وبالنسبة إلينا فى تركيا لن نضن أو نبخل على مصر فى شىء من تجربتنا،
وحينما سئل عن المخاوف من عودة الاحتلال التركى لمصر،
قال أوغلو: حينما جئت إلى مصر فى زيارة رسمية فى العام 2009، التقيت فى مؤسسة الأهرام مع المثقفين والكتاب،
وسألنى أحدهم عن الاحتلال العثمانى أو التركى لمصر فى العام 1517،
قلت لهم إذا كنتم تسمون هذه الفترة بالاحتلال التركى، فماذا عن فترة المماليك، والأيوبيين الذين جاءوا من سوريا
والطولونيين من قبلهم، والعباسيين وقبلهم البيزنطيين والرومان، إن قيمة الحضارة المصرية أنها جاءت بكل شىء
من خارج مصر إليها عبر هؤلاء، فاختلطوا بها وبالمجتمع المصرى وصنعوا تاريخ مصر وعراقتها حينما تذهب
إلى مصر القديمة تجد آثار الطولونيين والفاطميين والأيوبيين والعثمانيين،
إن الحضارة ليست احتواء الكل وليست استبعاد الآخرين.
وحول أعمدة النجاح فى تركيا،
قال أوغلو: التجربة التركية بعد العام 2002 اعتمدت على ثلاثة أعمدة فى النجاح،
الأول هو الديمقراطية وترسيخها ثم مؤسسات الدولة، ثم الأحزاب، والوضع الآن بعد عشر سنوات مختلف،
هذه المؤسسات هى التى تؤدى إلى بناء المجتمع وترسيخ كياناته، إن الجيش والشرطة هى ملكية عامة للدولة
ويجب ألا تدخل أبدا فى مواجهة فى الناس وهذا ما قلته لبشار الأسد فى لقائى الأخير به،
قلت له: لا تجعل الجيش يدخل فى مواجهة مع الشعب؛ لأن الجيش ملك للشعب،
من الذى يحمى الناس إذا قتل الجيش الشعب؟ الأمة تملك أحزابا كثيرة وكيانات كثيرة
لكن هناك جيشاً واحداً وجهاز شرطة واحداً يجب الحفاظ عليهما وألا يدخلا فى مواجهة مع الشعب على الإطلاق.
وحول التغول العسكرى على المؤسسات المدنية، قال أوغلو: حينما أخذنا السلطة قبل عشر سنوات
كان مجلس الأمن القومى معظمه من العسكر وكان رئيس الأركان وكبار الجنرالات يسيطرون على المجلس،
الآن تغير الوضع وأصبح المدنيون أغلبية ورئيس الأركان يجلس بعد نائب رئيس الوزراء وليس قبله،
الوقت جزء من علاج الأمر، والجيش القوى هو الذى يحمى البلاد
من خلال وجوده فى الثكنات وهذا ما سينتهى إليه أمر الجيش فى مصر.
إن الوجود فى موقع المسئولية يفرض على المسئول أمورا كثيرة وقد نجح مرسى فى الخطوة الأولى
نحو الديمقراطية من خلال خطابه الأول، والآن أصبح رئيسا إذا كان يغضب من قبل، عليه ألا يغضب،
وإذا كان لا يحسن الاستماع، عليه أن يحسن الاستماع، أما الرسالة الأساسية للرئيس فهى عليه أن يحيى الإنسان،
فالدولة تحيا من أجل الإنسان ولدينا مثل تركى يقول: «أَحْىِ الإنسان لتحيا الدولة»، غداً نكمل