[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ناقوس الخطر نزيه السبيعى
الثلاثاء 29-05-2012
أتذكر بغير انقطاع فى ظل هذه الأزمة الكبرى التى تمربها مصر فى
لحظه الحسم الفارقة من تاريخها، فنحو أربعين مليونا من الذين لهم حق
التصويت فى انتخابات الرئاسة يتخبطون عشوائيا، فلا يعرفون أى جهة يتجهون
ولا أى شطر يولون، أتذكر هذه القصة التى طالما ذكرها الأدباء فى كتبهم وهى
أن شابا نزل واديا يرعى فيه غنما له فلدغته حية فمات فذهب أخوه إلى هذا
الوادى يترقب هذه الحية كى يقتلها أخذا بالثأر إلا أن الحية اتخذت حيلة لكى
تبعد هذا الشاب وتثنيه عن فكرة الأخذ بالثأر وقتلها فقامت بمساومته قائلة
له «ما رأيك أن نتصالح مقابل أن أعطيك كل يوم درهما وتظل آمنا فى هذا
الوادى ترعى غنم أخيك؟»، فوافق الشاب على هذا العرض المغرى إلا أنه وبعد
مرور الأيام عاودته فكرة الثأر مرة ثانية فأخذ يترقب الحية وبالفعل حاول
قتلها فضربها بالفأس ضربة قوية إلا أنه أخطأها ولكنه علم على الأرض علامة
واضحة فقد شق الأرض بفأسه، فقطعت هذه الحية عنه الدرهم وأخذت تحتاط منه
وتحذره فحزن على ذلك حزنا شديدا فذهب إليها وقال لها «ما رأيك فى أن نتصالح
ونعود إلى سابق عهدنا القديم؟»، فقالت له كلمة تستحق أن تكتب بماء الذهب
وأصبحت مضربا للأمثال وتعبر عن حالنا تماما فى هذه الأيام وكأنها فصلت على
واقعنا الذى نعيشه اليوم بالمقاس، قالت له «كيف أعاودك وهذا أثر فأسك»..
لماذا ذكرت هذه القصة وفى هذا التوقيت بالذات لأن الكتلة التصويتية
الكبرى التى هى بعيدة كل البعد عن كلا المرشحين المتنافسين على موقع الرئيس
فى انتخابات الإعادة تريد أن تقول لكلا المرشحين كيف أعاودك وهذا أثر
فأسك، فالذين لا يريدون أن يصوتوا لـ«شفيق» يقولون له: كيف نعاودك ونعطيك
صوتنا ودماء الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن نحيا كراما ما زالت تجرى فى
عروقنا وتنتفض بها قلوبنا، كيف نعاودك وأنت امتداد للنظام القديم ووكيله
المعتمد فى الكثير من الأحداث التى أحدثت نكاية فى المجتمع المصرى، كيف
نعاودك ومجيئك يساوى عندنا أن الثورة قد ماتت ولن تقوم لها قائمة.
وفى المقابل أيضا يقول الذين لا يريدون أن يصوتوا لمرشح جماعة
الإخوان المسلمين «كيف نعاودك وأنت تريد أن تهيمن على كل شىء؛ كيف نعاودك
وتصريحاتك متناقضة»، فإن كان الأمر كذلك والقضية تلك أرى أن الحل الوحيد
فيما أتصور للخروج من المأزق الراهن وحتى لا تفقد الثورة هيبتها وحتى
لانعود إلى حامل الفأس الذى كاد يقسم ظهرنا، هو أن جماعة الإخوان المسلمين،
لاسيما أنها أدركت عدم قدرتها على حسم الصراع وحدها على موقع الرئاسة، أن
تغير من خطابها السياسى وأن تعطى من الضمانات ما يهيئ المجتمع بكل طوائفه
وقواه الثورية والسياسية أن يطمئن إليها، ووقتها سنخرج من النفق الضيق إلى
براح ساحة الاستقرار والتكامل بدلا من التآكل فى نسيج الوطن فمصر الآن
مقبلة على مخاض، مصر الآن حامل
فليت شعرى كيف تلد؟! وما حال الغلام الذى تلده
أينزل حيا أو مشوها أم ميتا؟!
وأرى أنه إذا كانت المفاضلة بين اثنين لا ثالث لهما فأنا شخصيا
سأختار مرسى فى مواجهة فلول النظام السابق لأنه لا ينكر عاقل أن جماعة
الإخوان المسلمين كانت تمتلئ بهم المعتقلات والفريق شفيق كان فى قلب
النظام، كما أن الإخوان المسلمين كانوا فى قلب الثورة.. وأرى أنه لا حرج فى
أن نعطيهم الفرصة كاملة وننظر ماذا سيقدمون «وإن غدا لناظره قريب».