[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المرأة فى الفرن منى الشيمى
الثلاثاء 29-05-2012
أتذكر قصة أمريكية تحكى عن امرأة ظلت تواظب على شواء ديك عيد
الميلاد السنوى داخل فرن صغيرة إيماناً منها بأن صغر حجم الفرن هو السر
وراء جودة الشواء، وأن نساء العائلة توارثنه وواظبن على فعله وكان وراء
شواء الديك كل عام بطريقة أفضل من كل ديوك الجيران، لكن المرأة وجدت مذكرات
جدتها لأمها أثناء تنظيف السندرة، ودفعها الفضول لتصفحها، لتكتشف أن الجدة
تلك، دونت فى مذكراتها شكوى مفادها أن جاراتها يسخرن من فرنها الصغيرة،
مما دفعها إلى الادعاء بأن هذا الحجم وراء جودة الشواء.
يقـول لفى برول فى كتابه علم السلوك «إنّ العادات المتأصلة فى
أفكارنا، وآلاف الروابط غـير المحسوسة التى تربطـنا بماضٍ نعـتقد أنّه
انتهى، هـذه العادات شئنا أمّ أبيْنا تجعـلنا دائما نصب النبيذ الجـديد فى
الأقـداح القـديمة ونضع الأفكار الجديدة فى البراويز القـديمة».
عند التفكير فى العادات الراسخة فى المجتمعات العربية، نجد أن
معظمها نشأ بسبب ظروف معينة، إلا أنها استمرت بعد تلاشى الظروف المسببة
لها، وعلى الرغم من امتلاك المجتمع فرصة الرجوع إلى شكله الأول، طالما هى
ليست إضافة إيجابية على السلوك الإنسانى، ومع الوقت، تراكمت العادات
الطارئة، ودخلت فى نسيج السلوك الاجتماعى، ثم كبلته بالكامل أو أحد أطرافه.
من هذه العادات التى يتعسف بها المجتمع، اقتران البيت بالنساء،
فمصادر التأريخ للسلوك الإنسانى تؤكد أن هذا الاقتران نشأ مع ظهور الحروب
بين القبائل، عندما كانت المرأة تُخطف كغـنيمة ثمينة، فكان عـلى الرجل أنْ
ينتبّه ويحـترس لحمايتها، فكان يضعها فى ملجأ محصّن صعـب الوصـول إليه من
قـبل العـدو، ويغـلق عـليها ليوفّـر لها حماية، كما ظهرت أيضا فى بعض
المجتمعات لسبب طبقى محض، للتفريق بين الجارية والحرة الارستقراطية؛
فالأولى مكلفة بأعمال البيت المضنية والخروج لجلب متطلباته من الأسواق
البعيدة، والثانية لتتنعم بالحياة، وفى السببين اللذين ساعدا على اقتران
المرأة بالبيت، نجد أن الرجل هو من قرر للمرأة أين تبقى.
وبالعودة لحكاية فرن الجدة؛ ترى كم امرأة عربية تم شواؤها فى فرن
صغيرة ليس لشىء سوى لأن الرجل اعتقد أن القبائل الأخرى على وشك الهجوم على
قبيلته!