.. وبدأ عهد الشعب يريد

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

.. وبدأ عهد الشعب يريد



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مصطفى حجازي

الجمعة 25-05-2012
ساعات قلائل تلك التى تفصلنا عن موعد اختيارنا الحر لرئيس يحكمنا..
موعدنا الأول فى تاريخ مصر، دولة وشعباً.. هى لحظة فارقة وخاصة بحق،
تُلزمنا أن نقوم عليها بحقها.

نخطئ إن ظننا أن قيمتها تكمن فى «صواب» الاختيار، هذا إن كان
للاختيار صواب، أو أن معناها سيكون فى نجاح التجربة «إجرائياً»، بأن يمضى
الاختيار دون تزوير للإرادة أو ميل للفساد أو أن جلالها فى كوننا انتصرنا
لأنفسنا من أيام لم نتمكن فيها من إنفاذ إرادتنا.

فقد مر على مصر فى تاريخها من كانوا أهلاً للحظة حكمهم مثل «محمد
على» أو «جمال عبدالناصر»، ولم يشفع لنا أو لهم أهليتهم حين واجهتنا من
التحديات ما ناء تحتها تفرّد قيادتهم. جربنا -وإن كانت لمرة أو مرتين-
النزاهة الإجرائية للانتخابات التشريعية، وإن لم تكن أبداً حجة ملزمة على
مَن حكم بعد ذلك.

نخطئ إذا اختزلنا اللحظة -ولا أقول ابتذلناها- بأن تصورنا أننا
نختار لمصر رئيساً أو قائداً وكفى.. ولكنّا نكون حقاً قد أوفيناها قدرها
إذا عرفنا أنها اللحظة التى نُرسّخ فيها قاعدة صُكَّت فى ميادين مصر -بدماء
المصريين ونور أبصارهم- وهى أن مصر ستحكم «إرادة» قبل أن تحكم «إدارة».

(الشعب يريد..) هى قاعدة الحكم فى مصر فى قابل الوقت ولا قاعدة
غيرها. وتلك القاعدة -قبل أن تهدينا حق اختيار «الرئيس» من حيث الاسم
البروتوكولى للمنصب- تلزمنا بأن نجعل من هذا المنصب قبولاً بمواطن يتقدم
ليصبح «المسئول الأول».

لم يكن اختيارنا لمن نقدمه لموقع «المسئول الأول» مفاضلة نستشرف
فيها الأمل قدر ما كان وما زال وزن مخاطرة نتجنب فيها مزالق التضحية.. لم
تكن أيام الحيرة الثقيلة التى عشناها، ولم نزل، من أجل المفاضلة بين مرشحين
ثوريين ومرشحى نظام سابق، ولم تكن كذلك بين برامج إصلاحية أو تنموية
مفصلة، وقطعاً لم تكن مفاضلة بين مرشح مستحق وآخر يجاوزه فى الاستحقاق
والأهلية.. كانت وزن مخاطرة حاولنا فيها أن نستبصر إلى أقل الخطرين نذهب.

الواقع يقول إن فيمن اخترنا -وإن تنوعوا- هم مرشحو ماضٍ عَدِمَ
الممارسة السياسية والرؤية أو القدرة على التغيير المجدى. ولن يكونوا أهلاً
لمستقبل إلا إذا وعى من اختاره القدر ليكون «المسئول الأول» فى هذا الوطن
أنه «مسئول»، أى «مفعول به» يُسأل فيجيب.

(مسئول أول..) أى أول من سيحاسبه «الشعب الذى يريد» قبل الضمير والتاريخ وربنا تعالى. فهو أول من سنسأله عن:

1- بنية الاستبداد للدولة العميقة، فعليه ألا يكون عائقاً أمام
تفكيك تلك البنية الفاسدة للدولة العميقة، ولا أقول قائداً لعملية إعادة
هيكلتها.

2- التوافق الوطنى، فعليه ألا يكون صدامياً أو منشئا للصدامات بطبعه أو بخلفيته أو بانتمائه، ولا أقول قادراً على صنع التوافقات.

3- قبوله بسيادة مؤسسة الحكم الأهلى، فعليه أن يكون شخصاً قابلاً
بأن يُطَوَع بحق الشعب عليه وأن ينتحى إذا بدا من حكمه شراً يفوق خيراً،
حتى وإن كان خيراً فى ذاته.

4- علاقته مع الإصلاح الذى حدثنا عنه الكثير فى برنامجه أو الذى لم
يحدثنا عنه، فعليه البحث «الجاد» عن أصحاب الأهلية للقيام على تحديات
الإصلاح فى إدارته وتوضيح معايير اختياره لهم وبقائهم حوله أو استغنائه
عنهم. والأهم أن يضمن أن حركة المجتمع من أصحاب الأهلية -فى محيط المجتمع
الأوسع من إدارته- تكون الحركة الأكثر أثراً، والتى قد تحتاجه ألا يصبح
عقبة فى طريقها قبل أن يكون حافزاً لها.

لا مكان فى مصر لـ «رئيس» يرى فى نفسه رمزاً أو قائداً يختزل الوطن فى ذاته ويرعى مشروعه ويؤسس لدولته.

مصر تفتح ذراعيها لـ «مسئول أول» يعى معنى الوطن، ويرعى قدر شعبها، ويؤسس لدولتها.. يُسأل فيجيب قبل أن يأمر فيُطاع.

فكروا تصحُّوا..