[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]التحليل السياسى الأخير لمرشحى الرئاسة..
أبو الفتوح رهينة استحقاقات ما بعد الانتخابات..صباحى لون واضح.. موسى رجل
اللحظة.. شفيق ابن ثقافة تخشى التغيير.. والعوا بلا جمهور.. خالد على
"حالم" و"مرسى" خافت الأربعاء، 23 مايو 2012 - 00:31
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مرشحو الرئاسة
كتب شوقى عبد القادر
ساعات قليلة وينطلق مدفع التصويت، لانتخابات الرئاسة، بعد صيام
إجبارى استمر 30 عاماً عن تناول الديمقراطية، بالرغم من أن تلك السنوات
تخللها عدد من المسرحيات الهزلية، لتمكين الرئيس المخلوع، من البقاء فى
السلطة، أشهرها حصوله فى أحد الاستفتاءات على نسبة تصويت بلغت 99،9%، وهى
النسبة التى سخر منها الشعب سراً، بالسؤال عن الذين قالوا لا؟ ولكن بعد
أيام قليلة لن تظهر هذه النسبة الساحقة.
اليوم يتنافس 13 مرشحاً على أصوات ما يقرب من 52 مليون مواطن مصرى، حظوظ كل
منهم بالفوز بالمنصب، مرهون بالعديد من العوامل، ولكن بعد انتهاء تصويت
المصريين فى الخارج، ظل فى المضمار أقل من نصف المرشحين، تناولهم بالدراسة
والتحليل، محمد العربى، الباحث فى الشئون السياسية والاستراتيجية بوحدة
الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، قائلاً: جاءت نتائج المصريين فى
الخارج لتعكس الحجم الحقيقى للمرشحين أمام صندوق الاقتراع.
على الرغم من تبارى وسائل الإعلام المختلفة، فى التفتيش والتنقيب فى أدق
تفاصيل حياة المرشحين، منذ إعلان كل منهم عن رغبته فى الترشح، بداية من
وجبته المفضلة واللون المفضل فى ارتداء الملابس، وعلى الرغم من أهمية هذه
التفاصيل لدى علماء النفس لتحليل شخصية المرشح، يظل التحليل السياسى هو
الجانب الأخر لتكتمل الصورة، وهو ما رصده محمد العربى، عن الدكتور عبد
المنعم أبو الفتوح، قائلاً: أفضل تعبير عن حالة عبد المنعم أبو الفتوح التى
خلقها إعلانه ترشحه للرئاسة مما أدى إلى إخراجه من جماعة الإخوان المسلمين
تلك التى أفنى عمره النضالى فى العمل من خلالها، هو أنه مرشح لا يعرف أين
يضع رأسه، رغم إصراره على أنه "إسلامى" ينتمى إلى الإخوان كفكر وتيار، وإن
لم خرج من الجماعة كتنظيم، خاصة إذا ما قورن بمنافسين من قبيل حمدين صباحى
الناصرى، ومحمد مرسى مرشح الجماعة وعمرو موسى مرشح الدولة وربما النظام -
حسبما ذكر العربى – .
وتابع قائلاً: يعول أبو الفتوح فى حملته الانتخابية على ما يسميه تيار
الوطنية المصرية الممتدة عبر عقود وقرون هى تاريخ الحركة الوطنية المصرية،
وخطابه الواسع الفضفاض يحاول أن يجمع فيه تأييد اليسار والليبراليين
والسلفيين وقطاعات من الإخوان اختارت أن تصطف وراءه بدلاً من أن تنساق وراء
قرار الجماعة.
وهنا يقول العربى: نجح أبو الفتوح فى هذا بالاعتماد على سياسة تأييد الرموز
الكبرى من كل تيار سابق، ومن هذا ربما كان أبو الفتوح الأمل لدى كثيرين فى
استعادة روح التحرير التى مزقتها الاستقطابات الدينية، والانجرار وراء
مواجهات فاشلة مع دولة العسكر، ومع ذلك يبقى فشل أبو الفتوح مع غيره ممن
يحسبون على تيار الثورة فى بناء إجماع سياسى، يتمثل فى فريق رئاسى يجنب
تفتيت أصوات الثورة ويقف بالمرصاد أمام الفلول خاصة ذوى الشعبية المعتبرة
منهم، يبقى هذا الأمر لغزا ربما يشير الى أن حالة الإجماع "الأيدلوجي" التى
يمثلها أبو الفتوح، لن تستمر طويلاً، وأنه سيضع رأسه وربما كامل جسده فى
اتجاه معين مع احتداد المواقف والاصطفافات التى ستنتج عن استحقاق ما بعد
الرئاسة. وربما من غير الإنصاف أن يتحمل أبو الفتوح وحدة مغبة هذا الفشل،
غير أن الإدعاء بأنه يمثل "التيار الوطنى المصرى العريض" يضع على عاتقه
مسؤولية أكبر فى ضرورة تحويل هذا الإجماع الأيديولوجى إلى إجماع سياسى.
وينطلق قطار العربى، فى تحليله السايسى لمرشحى الرئاسة ليصل الى خالد على،
إذ يرى العربى، فى على، أنه تجسيد لحالة الثورة، أو من يطلق عليهم شباب
الثورة، هؤلاء الذين أشعلوا شرارتها الأولى ودفعوا بقية القوى، إلى
الالتحام بها، ثم لم يجدوا من يعبر عنهم ويمثلهم سياسيًّا بعد أن دخلت
الثورة فى حالة التجاذبات السياسية والمواجهات غير الحاسمة مع الممسكين
بزمام الأمور. يمثل خالد على البقية الباقية من شباب الثورة غير المنتمى
سياسيًّا، بعد أن دفعت تجاذبت السياسة الميدان إلى التحزب.
يمضى العربى، قائلاً: يتناسب اللون الأيديولوجى الذى اختاره أصغر مرشحى
الرئاسة " 40 عامًا" مع تاريخه فى الدفاع عن الحقوق العمالية والإنسانية
وحقوق التظاهر والإضراب، ورغم أنه يتقاطع مع الخطوط الفكرية والأيديولوجية
لمرشحين آخرين محسوبين على نفس التيار مثل حمدين صباحى وأبو العز الحريري،
غير أن خالد على يتحدث عن اشتراكية تنتمى إلى الستينيات يؤكد فيها على
استعادة دور الدولة اقتصاديًا واجتماعيًّا بالتوسع فى القطاع العام.
ربما يعبر عنوان الحلم أكثر عن حالة خالد على، ومن يمثلهم، فربما لا يصدق
هو ومناصروه أن سيصعد إلى التصفيات النهائية فى ماراثون الرئاسة، فهو محسوب
على تيار ضيق فى تواجده الاجتماعى، ولا يقف وراؤه حزب أو جماعة تكفل له
التأييد المسبق، ويتنافر برنامجه مع كارتلات ( لفظ يطلق على تجمعات رجال
الأعمال والمصالح التجارية ) رجال الأعمال المائلين إلى المرشحين
الإسلاميين أو أبناء النظام السابق الذين لا يتحدثون عن العدالة الاجتماعية
بلسان خشبي، هذا الحلم هو أقرب إلى حلم الثورة التى لم تكتمل، وربما كان
تصريح خالد على عن استعداده للتخلى عن ترشحه للرئاسة حال اتفق مرشحو الثورة
على مرشح واحد ربما كان رغبة فى تحقيق هذا الحلم بإجماع الآراء حول مرشح
ثورى واحد يضمن تحقيق حلم التغيير عبر السيطرة على مؤسسات الدول. لم يتحقق
هذا بالطبع، ولم يتنازل خالد على عن السباق، ويبقى وجوده تعبير عن الأقلية،
وتبقى المخاطرة بتفتيت أصوات الكتلة الثورية بينه وصباحى وأبو الفتوح
قائمة.
يواصل "العربى" الإبحار مع مرشحى الرئاسة، ويتوقف عند شاطئ الفريق أحمد
شفيق، قائلاً: إذا كان خالد على تجسيدًا لشباب الثورة، فإن الفريق أحمد
شفيق المرشح الرئاسى يعتبر تجسيدًا لمآل الثورة وما حل بها.
ويعتقد الباحث السياسى، أن ترشح شفيق للرئاسة، ليس إلا مؤشرًا على تعثر هذه
الثورة وربما عدم نجاحها –إلى الآن على الأقل- فشفيق هو بامتياز ابن
النظام ولا أقول النظام السابق، فمؤشرات بقائه واستمراره أقوى من مؤشرات
تغيره أو سقوطه- وهو تعبير عن إهترائه وعدم امتلاكه القدرة على الفاعلية،
وهنا يشير - العربى – الى حالة التماهى بين شفيق والنظام السابق، و يتضح فى
سنه المتقدمة، وأدائه المثير للسخرية وربما الشفقة - بحسب وصف الباحث -
وعدم تركيزه فيما يتلفظ به من تصريحات، يضاف الى ذلك تاريخ شفيق، فهو تاريخ
تربى فى كنف هذا النظام، إذ ينتمى الى المؤسسة العسكرية حجز الزاوية الصلب
للنظام، وكان قائدًا لسلاح الطيران ثم وزيرًا للطيران، ثم رئيسًا لوزراء
مبارك مع اندلاع الثورة واتقاده فى الـ18 يومًا وعليه يقع جزء كبير من
الجرائم التى ارتكبت خلالها، خاصة ما يعرف بموقعة الجمل، ومع إسقاط حكومته،
توارى فى الظل إلا قليلاً ثم عاد ليعلن عن ترشحه للرئاسة، وهو ما قوبل
بالقول أنه "مرشح المجلس العسكرى".
تعاطف النظام مع شفيق يظهر جليًّا وإن أنكره، فاستبعاده من قبل اللجنة
العليا فى الانتخابات الرئاسية ثم عودته بعدم تظلم طعن فيه قانونيًّا، يثير
التساؤل حول حدود حيدة المجلس واللجنة تجاه المرشحين، من حيث المؤهلات
السياسية لا يصلح شفيق لخوض سباق الرئاسة أو يستحق أن يسكن قصر العروبة،
لكن شفيق، يبدو أنه الرجل المناسب للحفاظ على مصالح العسكر الذين ينتمى
إليهم ومصالح جماعات رجال الأعمال التى تكونت فى حجر النظام وارتبطت به
عضويًّا، وربما يكون هو رجل اللحظة الفارقة لجموع من الشعب تعبت من تدافعات
الثورة وما خلقته فى الشارع من اللايقين، فشفيق هو ابن نظام مهترئ وثقافة
سياسية راكدة مذعورة من التغيير.
الأمر يحتلف عندما يصل محمد العربى فى تحليله لـ"حمدين صباحى"، على الرغم
من التشابه فى صعود الأسهم بين شفيق وصباحى، إذ يقول العربى، كان الاتجاه
نحو "خيار حمدين" الحدث الأبرز فى الشهر الأخير، قبل خوض السباق، بدا الأمر
مثيرًا أن تتحول آراء فئات محسوبة ومعتبرة من الناخبين نحو مرشح بهذه
السرعة، حمدين صباحى له لون سياسى محدد وواضح، وهو لون ربما لم يناله
التغيير منذ بدئه مسيرته النضالية فى السبعينيات، وقيادته لجزء كبير من
الحركة الطلابية، وهو اللون الناصري، الذى لا زال له ثقل فى ثقافة وخبرة
قطاعات عريضة من المصريين، خاصة هؤلاء الذين لا يرون أن إسقاط حكم العسكر
لا يستدعى الانقلاب على ميراث يوليو والقطيعة معه، وربما شعار حمدين هو
تعبير عن هذا الاختيار، الذى ترسم حدوده الأخرى الخوف من الإسلاميين أو على
الأقل التوجس من توجهاتهم ورفض سلوكهم فى مرحلة ما بعد الثورة، جزء كبير
من المنحازين مؤخرًا لحمدين لا يثقون فى فك الارتباط، الذى قام به عبد
المنعم أبو الفتوح بجماعة الإخوان، أو كان أداؤه فى المناظرة مخيبًا
لتوقعاتهم، يخاطب صباحى قاعدة شعبية أرهقها الفقر والإفقار الذى مارسه
النظام السابق، غير أن ميراث عدم الثقة وربما الرفض الكامل لما يسمى نظام
يوليو ينفر بعض قوى اليسار منه، وتأنف هذه القوى أن يوضع هذا الناصرى
القومى بينها فى تصنيف القوى السياسية فى مصر إلى يمينية ويسارية.
يصل محمد العربى الباحث فى الشئون السياسية والإستراتيجية بوحدة الدراسات
المستقبلية فى مكتبة الإسكندرية، إلى الرقم الصعب بين المرشحين لرئاسة
الجمهورية، ونعنى هنا عمرو موسى، إذ يقول العربى: كان قرار موسى بخوض
انتخابات الرئاسة، بمثابة تعليقه على تنحى حسنى مبارك، وسقوط نظامه، فقد قد
أعلن عن عزمه عن هذا فور إعلان سقوط النظام، فكان أول الواثبين على
الثورة، أو هكذا رآه شبابها، فوزير الخارجية الأسبق والأمين العام السابق
لجامعة الدول العربية لم يكن بنظر شباب الثورة، إلا أحد أركان نظام مبارك،
لتوليه منصبًا قياديًّا فيه، فضلا عن تصريحاته المهادنة له، تعكس هذه النظر
انقسامًا فى الشارع المصرى بين الشباب الثائر الرافض لكل بقايا النظام
التى أطلق عليها فلولاً ومنها عمرو موسى، فيما ترى شريحة عريضة، فى الرجل
ذى الشعبية المحسوبة شخصًا جديرًا بقيادة النظام الجديد.
لهذا يعتمد موسى فى خوضه لسباق الرئاسة - والحديث هنا لمحمد العربى - على
ثقافة سياسية تمجد الأبوة السياسية وتعطى الأولوية للخبرة، وربما للدهاء
و"الناب الأزرق" وربما يكون موسى لدى هؤلاء تجسيدًا مفتقدًا لهذه الصفات،
ولكن فى المجمل كانت التكهنات بخوضه لسباق الرئاسة، تسبق كثيرا اندلاع
الثورة وتتصاعد مع الحديث عن توريث الحكم، وجدارة الرجل للقيادة بدلا من
مبارك الابن، وساد اعتقاد أن هذه الشعبية التى يحظى بها موسى هى التى كانت
وراء القرار بإبعاده عن وزارة الخارجية، يبدو موسى وكأنه رجل اللحظة، فهو
إن لم يكن ابن النظام فهو ابن الدولة التى خدم فى جهازه البيروقراطى
والسياسى حتى مشارف السبعين، وبالطبع لا يملك من تصريحات ومواقف تضعه فى صف
الثورة والاتجاه نحو تغيير بنية الدولة التى يمثلها، ومن ثم لا يمثل خطرًا
على مصالح دولة العسكر أو ارتباطاتها الخارجية ومن السهل أن يضفى انتخابه
شرعية للنظام الجديد نظرًا للشعبية الجارفة التى يمتلكها، والتى لم يؤثر
فيها أداؤه المزرى والمرهق فى مناظرته مع أبو الفتوح.
وفيما يتعلق بالدكتور محمد مرسى، يقول الباحث محمد العربى، لم تكن
الانتقادات الموجهة إلى جماعة الإخوان المسلمين وحزبها "الحرية والعدالة"
لقرارها خوض الانتخابات الرئاسية يتعلق فقط بشخص رجلها القوى المهندس خيرت
الشاطر، بل بمخالفتها التأكيدات والتطيمنات التى قدمتها لبقية القوى
السياسية بأنها لن تنافس على كرسى الرئاسة وهو القرار الذى لحق بغيره منذ
بدء الثورة حتى اليوم، ولم يخفف من غلواء هذه الانتقادات خروج الشاطر من
السباق وحلول رئيس الحزب محمد مرسى محله، بدا الأمر غريبًا على مفاهيم
السياسة الحديثة أن يكون هناك مرشح فى حال خروج مرشح أو كما يعبر عنه
المصريون "استبن"، الدكتور محمد مرسى لم يترشح لكونه راغبًا فى الأمر أو
أنه يرى نفسه كفؤًا للصراع حول سكنى قصر الرئاسة المصرية أو إدارة البلاد،
بل ترشح لأنه قرار الجماعة، وربما تبدو الكلمة الأخيرة هى الكلمة السر لفهم
هذا المرشح وفهم من يمثلهم "الإخوان المسلمين"، يبدو الرجل شخصًا خافتًا
ولا يملك حولاً إلا من قوة الجماعة التى تقف ورائه، وهو يعبر عن الجماعة
أكثر من تعبيره عن نفسه، الأمر الذى يثر المخاوف من أن تنتقل مصر إلى دولة
على رأسها رئيس وعلى رأسه مرشد، وأن تقترب من النموذج الإيرانى "حيث ولاية
الفقيه/ المرشد بعد أن كانت قواها الثورية تتمنى لو اقتربت من النموذج
التركى حيث الدولة العلمانية الديمقراطية التى تخلصت من حكم العسكر، لا
يخصم هذا فقط من رصيد مرسى كمرشح مؤهل لإدارة البلاد، بل إن جماعته نفسها
قد أصيبت بالضعف بعد انفض شهر عسلها مع العسكر، ثم بعد انخفاض ثقة الشارع
فيها نتيجة الأداء السياسى الهزيل الذى يقدمه البرلمان الذى يتحكم فيه
الإخوان وحلفاؤهم، ومع ذلك يبقى هو المرشح الوحيد الذى يدعمه تنظيم قوى له
وجوده على الأرض، وله ارتباطاته المالية والاقتصادية القادرة على الدفع به
نحو خوض السباق وربما تخطى مرحلته الأولى، وجمهوره محدد وربما أكثر اتساعًا
من حدود الجماعة وهو ما يزيد من فرصه. ويبقى أن طريقة ترشحه تثير
التساؤلات أكثر حول مستقبل السياسة فى مصر، وهل أعادته الثورة إلى المفاهيم
ما قبل الحداثية، حيث قوة الجماعة والعائلة والقبلية لا إرادة الفرد.
وفى مستهل تحليله السياسى لـ الدكتور سليم العوا، قال الباحث محمد العربى،
إن ثورة يناير، أثبتت كما غيرها من الأحداث الكبرى، قدرتها على فرز المواقف
والأشخاص، وهو ما حدث مع المفكر الإسلامى والمرشح الرئاسى الدكتور محمد
سليم العوا، الذى عرف قبل الثورة كمفكر إسلامى مستقل له جهده المشكور فى
التنظير للفكر الوسطى المستنير المتجاوز لفكرة التحزب السياسي، غير أن اسمه
لم يسلم من الدخول فى جدالات أفقدته شيئًا من رصيده خاصة عندما اشتبك مع
أحد أقطاب الكنيسة القبطية، وهو ما جعله موضعًا للانتقاد، كان هذا قبل شهور
من اندلاع الثورة التى التحق بركابها، وكان أحد فقهاء القانون المدافعين
عن شرعية الميدان مقابل الشرعية الدستورية، التى راح فقهاء النظام يدفعون
بها لبقاء مبارك فى سدة الحكم. وفور أن امتلأت سدة الحكم بالمجلس العسكرى
خليفة مبارك، حتى راح الرجل يكيل له المديح وهو ما أخرجه كليًّا من قطار
الثورة، ومع اقتراب الحديث عن الانتخابات الرئاسية سارع العوا إلى الترشح،
وهو ما جعل البعض يحسب أنه مرشح الإسلاميين خاصة الإخوان الذين يشترك معهم
فى الحديث عن المرجعية الإسلامية، أو مرشح المجلس العسكرى الذى كان فى بعض
الأحيان المتحدث باسمه.
وربما كان العوا فى مرحلة ما من الأحداث كان رمزًا للتفاهم بين الإسلاميين
والعسكر، غير أن جميع الأطراف نفت هذا بدخول أبناء النظام السابق ونواته
الصلبة من العسكر إلى حلبة السباق الرئاسي، ثم بإعلان الإخوان عن مرشحهم
خيرت الشاطر ثم محمد مرسي. لا يخاطب العوا جمهورًا معينًا من الناخبين،
فشعار العدالة الذى يرفعه ليس إلا بتأثير من خلفيته القانونية ولا يشير إلى
العدالة الاجتماعية التى تجتذب جمهور الفقراء، كما أن تركيزه على استعادة
الهوية الإسلامية لمصر لا يجتذب السلفيين الذين حزموا أمرهم بدعم أبو
الفتوح أو الإخوان المصطفين خلف مرشحهم، وهو ليس وجهًا مقبولا لدى شباب
الثورة، ولا يبدو مريحًا للعلمانيين، وهو يبدو مع كل هذا مرشحًا بلا قاعدة
أو جمهور.