[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]استدعاء «الكنبة» [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] د. عمار علي حسن
الجمعة 04-05-2012
لفت انتباهى بشدة فى الأيام الأخيرة استدعاء السلطة بطريقة ناعمة «حزب
الكنبة» كى ينزل إلى الشارع رافضاً الثورة والثوار، ومثبتاً حكم العسكر
بأوتاد غليظة، بدعوى أداء ما عليه من واجب فى وقف «الفوضى». وقد أصبحت هذه
نغمة سائدة لدى كتّاب وإعلاميى السلطة، وهى مسألة لها دلالتها مع اقتراب
موعد تسليم الحكم، لا سيما أن هذا تزامن مع قول المشير: «الجيش لن يترك مصر
إلا بعد أن تستقر، وتنعم بالأمن».
من الطبيعى أن الجيش لن يترك مصر، فهو جيشها من أيام رمسيس، والكل
يعرف قدره ودوره بما فى ذلك أنقى الثوار الذين يهتفون: «جيشنا فوق الراس
مرفوع .. والمجلس تبع المخلوع»، لكن ما قصده المشير هو أن «المجلس العسكرى
لن يترك السلطة إلا بعد توفر الأمن»، وكأنه الجهة الوحيدة فى البلاد التى
بوسعها أن تفعل ما أخفقت فى تحقيقه على مدار خمسة عشر شهراً، وكأن غياب
الأمن ليس مقصوداً، أو على الأقل ليس جرّاء سوء النية أو الإهمال وسوء
الإدارة وضعف الخبرة السياسية لدى من بأيديهم الأمر، وتركهم الأمور تتفاقم
حتى بات الشعب فى مواجهة الجيش لا يفصلهما سوى سلك شائك وعقل شائه.
ولا أعتقد أن استعداء «حزب الكنبة» على «الكتلة الحرجة» التى ترفض
التسليم بالأمر الواقع ولا تريد أن تنفضّ عن الثورة عمل مفيد، ولو أن من
يطلبون ذلك لديهم قدر من حسن التقدير وسلامة الرأى ما أقدموا على هذا
الفعل، ليس لأنه قد يفتح باباً عريضاً للاحتراب الأهلى، بل لأن ما تسمى
«الأغلبية الصامتة» أثبتت أنها مع الثورة، حتى لو اختلفت مع بعض الثائرين
الفائرين فى تحديد وسيلة استكمالها. ففى انتخابات مجلسى الشعب والشورى عزل
الناس فلول الحزب الوطنى عبر صناديق الاقتراع، وفى مناسبة مرور سنة على
انطلاق الثورة نزل الناس بالملايين ليهتفوا: «يسقط حكم العسكر»، ثم قاوموا
بضراوة خوض عمر سليمان لسباق الرئاسة حتى تم استبعــاده، ولا يُبدون
ترحيـباً كبيراً بالفريق شفيق، الأمر الذى ينعكس بجــلاء فى تهافــت شعبيته
وتراجع حظوظه.
إن هؤلاء يفكرون بطريقة قديمة فى لحظة جديدة، حيث يأملون أن ينزل
الناس ليهتفوا بسقوط الديمقراطية مثلما حدث أثناء الخلاف بين جناحى الضباط
الأحرار حول العودة إلى الثكنات أو الإمساك التام بالسلطة، بينما الواقع
يبين أن الأغلبية الكاسحة من المصريين لم يكفروا بالثورة لأنها ببساطة لم
تحكم، ويرفضون استمرار المجلس العسكرى فى السلطة بعد أن خيب ظنونهم، ولا
يريدون العودة إلى زمن المخلوع. وهم إن كانت لديهم انتقادات قاسية ومريرة
لنزق بعض الثوار وسذاجتهم، فهذا لا يعنى أن من السهل دفعهم بالملايين إلى
الشوارع لاغتيال ثورة احتضنوها واحتفوا بها.