آفة ثورتنا السذاجـــــــة

April 20th, 2012

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
خالد البرى




هل تذكرين ما حدث قبل أحداث «محمد محمود»؟! سأذكِّركِ: مليونية لرفض وثيقة المبادئ فوق الدستورية،

نزلنا فيها مع الإخوان والسلفيين احتراما لمبادئنا. مليونية الإخوان والسلفيين انتهت فى السادسة مساء،

ثم حدث هجوم للشرطة على المعتصمين فى الميدان من أهالى الشهداء، أعقبتها مظاهرات أدت إلى مقتل أكثر من خمسين شابا.


وماذا كان موقف الإخوان والسلفيين؟ لا شىء. ولا حتى كلمة مواساة. بالعكس، تخوين واتهامات بأن ما يحدث يرمى

إلى تعطيل الانتخابات البرلمانية. موقف تكرر فى أحداث مجلس الوزراء بعد ذلك. وهنا تولت قنواتهم الدعاية المجانية

والتشويه المتعمد للمشاركين فى التظاهرات. «يا واد يا مؤمن» أطلقها المذيع خالد عبد الله، مصحوبة بابتسامة من نادر بكار،

فى سخرية من المطالبين بالحفاظ على أعراض البنات بعد تعرية «ست البنات». ثم حولوا الحرب الإعلامية

نحو الاشتراكيين الثوريين، والأناركيين، زاعمين أنهم يجهزون لسلسلة من التفجيرات فى «ذكرى» الثورة.

(نسوا أن تضحيات هؤلاء الشباب هى التى ألغت وثيقة السلمى، وعجَّلت بانتخابات الرئاسة).



لا أذكر هذا إثارة للأحقاد. كتبت منذ أربعة أيام فقط عن «مبادرة البلتاجى» مطالبا بالحوار مع الإخوان.

لكننى كنت أطالب بالحوار الجاد، وليس الحوار من أجل الحوار، ولا رفع العتب، ولا رفع الضغط عنهم.

ومن اللافت أن مبادرة الأستاذ البلتاجى -حلو اللسان قليل الإحسان- ذهبت أدراج الرياح بمجرد أن زال عنهم شبح عمر سليمان.

بل -ولاحظى هذا جيدا- إن الإخوان رفضوا التوقيع على مطالب موحدة لمظاهرة اليوم. الإخوان والسلفيون فى التحرير اليوم

من أجل غرضين: إطلاق يدهم فى «التأسيسية»، وإلغاء المادة ٢٨ من التعديلات الدستورية (التى حشدوا للتصويت عليها بنعم

من قبل واتهمونا بمعاداة الدين، لأننا قلنا لا). وأغراض جانبية أخرى، الغضب للشاطر بالنسبة إلى الإخوان،

والغضب لحازم أبو إسماعيل بالنسبة إلى السلفيين. عظيم. هذا شأنهم. لكن هل تستطيعين أن تخبرينى ما الغرض السياسى

من وجود القوى المدنية هناك؟ وبالله عليكِ لا تقولى لى إننا نُظهِر جهوزيتنا للنزول وقدرتنا على الحشد.

لأن هذا قد يحدث فى توقيت مختلف، وليس خدمة للإخوان الذين سيبيعوننا عند أول مفرق. بل إنهم

-للأمانة- أخبرونا صراحة بأنهم ليسوا موافقين على أى من مطالب القوى المدنية لليوم.



وأريد فى هذا السياق أن أذكِّر القوى المدنية بأنها بلا مرشح فى انتخابات الرئاسة، اللهم إلا مرشحين ذَوَى فرصة ضئيلة جدا.

وغالبا لن تؤثر عليهما المادة ٢٨. بالإضافة إلى أن تغييرها فى الوقت الحالى، انتقائيًّا، يعنى إجراء استفتاء (لم نفعله مع الأهم منها)،

وهذا سيؤجل الانتخابات، ويمنح العسكر فرصة أطول فى السلطة. كما أُذَكِّر تلك القوى بأن إطلاق يد الإخوان فى «التأسيسية»

ليس فى مصلحتنا ولا فى مصلحة الوطن، من وجهة نظرنا. إن العلاقات الإنسانية تفشل حين يكون أحد الطرفين عالمًا بمناطق «وجع»

الآخر، بالبلدى «يعرف إزاى ييجى له على الوجع». وهكذا الحال فى العلاقات السياسية. ونحن، للأسف، وجعنا معروف.

كل من يدعونا إلى «التوافق»، أو إلى النزول إلى الميدان، أو الوقوف فى وجه المجلس، نلبِّى بلا تأخر،

مدفوعين بالرغبة فى استكمال الثورة، وبالرغبة فى أن لا يقال عنا إننا تخاذلنا يومًا عن نصرتها. لكن الطريق إلى «النار»

مفروش بالنيات الحسنة. وينبغى أن لا نستمر فى هذه «البراءة» حتى لا تتحول إلى سذاجة. والإنسان معذورة

حين تتعرض للخيانة أول مرة، لكنها «متهمة» إذا تعرضت للخيانة فى المرة الثانية من نفس المصدر.

أما فى المرة الثالثة فإنها خرقاء تماما. كما أننا معترضون على المجلس العسكرى لأسباب تختلف تماما عن اعتراضهم عليه.

اعتراضنا مبدئى، أما اعتراضهم فمن أجل مصلحة سيستخدموننا للحصول عليها، ثم يتحالفون معه علينا.


يتبــــــــــــــع

كل ما أريد منكِ أن تجلسى مع نفسك دقيقة وتجيبى فيه عن سؤال:

لماذا أنزل اليوم إلى الميدان؟ إجابة واقعية لا إنشائية.
سأبدأ بنفسى، وسأجيب عن سؤال لماذا لن أنزل إلى الميدان؟


1- لأننى لا أريد أن يستخدمنى الإخوان للإيحاء بأن الشعب كله مصفوف خلفهم.


٢- لأننى مع كتابة دستور جديد توافقى، لا مع كتابة دستور إخوانجى،
ولا مع تعديل انتقائى لمادة دستورية واحدة اتهمنى الإخوان بأقذع التهم حين نبَّهتهم إليها وإلى مثيلاتها من قبل.


٣- لأننى «لست أمرا مفروغا منه»، بل أنا إنسان مفكِّر، وعلى من يريد أن يضع يده فى يدى
أن يحترم رغباتى ويضعها فى الاعتبار. وأن يصل معى إلى أرضية مشتركة ننطلق منها.