[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قصة زواج
أبو عارف أيّها الكرام .! إنّ قصّة زواجي
باختصار هي قصّة سوء الاختيار .. لقد نشأت في بيئة أمّيّة ، وقدّر الله لي أن
أتعلّم وأتخرّج في الجامعة .. ورأيت سوء التفاهم ينشأ بين والديّ لأتفه الأسباب ،
فقدّرت أنّ ذلك لضعف تعليم أمّي ، فقلت لأمّي : لن أتزوّج إلاّ متعلّمة مثقّفة ،
تفهم عنّي ، وأفهم عنها ، ويكون العلم خير ما يجمع بيننا ، أريدها أديبة اللسان ،
حسنة البيان ، تنثر الصواب ، وتسلب
بحديثها الألباب ، وتجاوزتُ سائر الشروط والاعتبارات .. وبحثت وتحرّيت ،
حتّى وقفت على ما أريد .. فتاة متعلّمة مثقّفة ، من أسرة محترمة ، وتزيد على ما
أريد أنّها موظّفة ... فقلت في نفسي : لقد أدركتَ الحسنى وزيادة .. فإن لم تنفعك
بوظيفَتِها فلن تَضرَّك .! ولعلّ راتبَها يكونُ سبيلاً للعيش الرغد ، فلا تحتاجان
إلى أحد ، وعوناً لك ولها على نوائب الدهر ، ونوازل الضرّ .. ومضى على زواجنا ثلاث سنوات ،
وأنا أنتظر أن تحمل بفارغ الصبر ، وهي تعلم منّي ذلك ، ثمّ فوجئت أنّها تمنع نفسها
من الحمل بغير إذني ولا علمي .. وكانت قضيّة خلاف شديد ، كادت تعصف بعشّ الزوجيّة
، لولا تدخّل والدها ، الذي حملها على الخضوع لرغبتي بلا قيد ولا شرط .. ورزقت
بنيّة بعد طول انتظار ، فسمّيتها : حسناء .. وكانت فرحتي بها لا تعدلها فرحة ..
ولكنّ زوجتي كانت متكرّهة لها كراهة ظاهرة .. تدعو عليها بالويل والهلاك ، بسبب
وغير سبب .. شأن الأمّهات الجاهلات .. وأحضرتُ لها خادمة أمينة ، فيما أحسب وأظنّ
، لتقوم بشأن البنت في غياب أمّها .. ودخلت إليّ الوساوس لكثرة ما كنت أسمع من
أخبار الخادمات مع الأطفال ، فكنت أقتطع ساعة من عملي كلّ يوم لأفاجئ الخادمة في
البيت ، وأرى ما تصنع .. فلم أر منها إلاّ كلّ خير ..ولكنّ ابنتي كانت أشبه باليتيمة ،
بل
أسوأ من اليتيمة .! إذ كانت زوجتي لا تتعرّف عليها في وجودها بشيء .. فلا تحملها ، ولا تضمّها
إلى صدرها ، ولا تقدّم لها شيئاً من حنان الأمّهات وحُبّهنّ .. وعبّرت لها عن
ذلك مرّات ومرّات ، فكان جوابها البليغ أن تدعو عليها بالموت ، لأنّها أصبحت غصّةً
في حياتها .. وضقت ذرعاً بهذا الحال ، وزاد عليّ البلاء أنّ الطفلة أصبحت كثيرة البكاء بغير سبب
ظاهر ، وأمّها لا تبالي بها أدنى مبالاة .. وكنت أرى هذا المشهد فأغتاظ أشدّ الغيظ ، فأتصنّع
الصبر ، ولا أتجمّل به .. وعرضتُ ابنتي على طبيب مختصّ ، فقال لي أمام أمّها كلمةً
كانت كالصاعقة على قلبي ، لقد قال لي : " إنّ آخرَ البحوث أثبتَت أنّ بعض
الأطفال لا علاج لكثرة بكائهم وصراخهم إلاّ المزيد من حنان الأمّهات وحبّهنّ
.. " ، وسمعت زوجتي
الكلام فظنّت أنّني متواطئ مع الطبيب ، فلم تقبل شيئاً من كلامه .. وكانت ثالثة
الأثافي أن دخلتُ البيتَ ضُحى بعض الأيّام فإذ بحسناء تصرخ من الألم ، والخادمة
المسكينة ، لا تعرف ما تعمل .. لقد تعثّرت المسكينة ، وبيدها قدر من الماء الساخن ،
فسفح الماء الساخن على حسناء ، وهي تحبو ، وكان لطفُ الله بها
أن لم يكُن شديدَ
السخونة .. وطاش عقلي ، وفقدتُ صوابي ، وأخذتُ أهذي بالسباب للوظيفة ، ومشتقّاتها
، وعندما شعرتُ أنّ الخطرَ بعيد ، حمدتُ الله على ما قدّر ، وأقسمتُ بالله العظيم
ألاّ يجمعَني بزوجتي بيتٌ واحد ما لم تترك الوظيفة .. فماذا فعلَت زوجتي
عندما علمَت بموقفي.؟ لقد تركتْ هذه المتعلّمةُ الحصيفةُ ، بكلّ أريحيّة وإصرار
زوجَها وابنتَها ، ورضيت بالطلاق ، وآثرت وظيفتها .. وتخلّت عن حقّها في حضانة
ابنتها ركضاً وراء لعاعة من الدنيا تافهة .. ولم يستطع أحد من أوليائها أنْ
يُثنيَها عن هذا الموقف .. بل قالوا بكلّ بساطة : " القرارُ قرارُها ، وليسَ
لنا أنْ نتدخّلَ في شيء من أمرِها .! وقلت لها ولهم : انظروا إلى الفرق بين موقفي وموقفها ، ثمّ
احكموا بما شئتم : والله لو مرضَت هي أو ابنتُها ، وكلّفني علاجُها أموالي كلَّها ، لبذلتُها
طيّبةً بذلك نفسي .! فكيف تطيبُ نفسُها أن تؤثرَ الدنيا التافهةَ على زوجها وابنتها .؟ ولكنّها قرّرت ما شاءت ،
وافترقنا ..
أيّها السادة ! لقد أصبحَت
المدارسُ تخرّجُ أنصافَ متعلّمين ومتعلّمات ، وإن شئتم فقولوا : أنصاف جهلة متعالمين ، لأنّه تعليم بعيد
عن التربية والتهذيب ، وإنّ
أخطر داءٍ في هؤلاء وأوّله : أنّ أحدهم لا يعرف ما يهدف ، فيقدّم ما حقّه التأخير
، ويؤخّر ما حقّه التقديم ، ولا يحسن الاختيار لنفسه ، والتقدير لعواقبه ، ونصف المتعلّم
المتعالم أخطر على العلم وعلى الأمّة من الأمّيّ الجاهل ، ولكن ما العمل .؟! إذا
كنّا نجهل ، ونظنّ أنفسنا معلّمين مربّين ، ونحتاج لإدراك هذه الحقيقة إلى أن ندفع
الثمن باهظاً ، وأقلّه هلاك جيلين من أجيال الأمّة ، وضياع جيلين آخرين وراء توافه
الأمور .. قبل أن نصحو إلى أمرنا ، ونعود
إلى رشدنا .. إنّ درهم علم يحتاج
إلى قنطار من التربية والعقل ، وأنّى لمن أخذ العلم سلّماً لمغانم الدنيا أن يكون
قد نال حظّاً من التربية والتهذيب .. ومع ذلك فقد عاودني الجهل مرّة أخرى ، فخطبت
موظّفة ، ولكنّني اشترطت عليها بنصّ العقد بيننا : أنّ أمر وظيفتها بيدي ، وأنّني
متى ما شئت أن تترك وظيفتها تركتها ، ولو كان ذلك قبل يوم واحد من إحالتها إلى
المعاش .. وأنّني امرؤ أحبّ كثرة الأطفال ، لا أستحيي من ذلك ، ولا أواري .. فقبلت
ورضيت .. وكانت عاقلة حصيفة ، طيّعة مهذّبة قد عوّضني الله بها خيراً عن تلك
الدابرة الذاهبة .. ولا تزال الحياة تمضي بيننا سعيدةً هانئة ، قد رزقت منها
بأربعة أطفال ، وأقامت ابنتي من الأولى مقام البنتِ في نفسها ، وما تكرّهت بواحد
منهم لوظيفتها .. وما عبّرت يوماً عن تبرّمها بحقّ زوجها أو بيتها .. وأسأل الله
تعالى أن يحسن لنا عواقب الأمور ..
" إنّ المرأة في
نظري أيّها السادة ! خلق عجيب ، عقله أمشاج من الأمزجة والعواطف تغنّى بها الشعراء
، وحار بوصفها العلماء ، وعجز عن سياستها الحكماء ، وأسرت بسحرها الألبّاء ، إنّها
محنة الأخلاق والعقول ، وقرينة فتنة الأموال ، ومحنة الحياة بلا جدال
، ولكنّ التربية والتهذيب تجعل منها خلقاً آخر ، تغني الحياة
وتجمّلها ، وتكمّلها ولا تنتقصها " . والمرأة التي
تُربَّى تربية قويمة على العفّة وحفظ الشرف ، تعرفُ كيف تربّي أولاداً ، يصونون
شرف الأمّة ، ويدافعون عن قيمها ، والمرأة التي لا تعرف من العلم والثقافة إلاّ
المظاهر والقشور ، لا تعرف إلاّ الجري وراء الموضات والتفاهات ، واتّباع الأهواء
والشهوات ، ولا يرجى منها إلاّ أن يكون الأولاد على شاكلتها .. فأنّى للأمّة أن
تتقدّم وترقى .؟!والأمّة التي تجعل
من البيت مدرسة ، ومن المدرسة مسجداً ، ومن المجتمع أسرة واحدة ، أو كالجسد الواحد
أمّة متينة الأركان ،
محكمة البنيان ، لا تستطيع قوّة
في الأرض أن تقتحم حصونها ، أو تنتهك بنيانها .. ومسئوليّة المرأة في ذلك لا يستهان
بها بحال من الأحوال ..وقد كان أجدادنا يقولون مقولة حقّ
صادقة : " إنّ
الإبرة في يد المرأة تشبه الرمح في يد المجاهد " . وينبغي أن نفهم
دلالة هذه الكلمة على أهمّيّة التفات المرأة إلى بيتها ، واهتمامها بمملكتها أكثر
من كلّ شيء في حياتها .والأمّة التي ينمو فيها البيت
والمدرسة والمسجد ، ويزدهر عطاؤها ، وتعظم ثمراتها ، بتعاون رجالها ونسائها ،
وجميع أفرادها ، تغيب الجريمة عن مجتمعها ،وتضمر فيها السجون ، ويقلّ
روّادها .. من كتاب رفقاً بالقوارير[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منتدى تعليمي لكل المراحل الدراسية من الكي جي إلى الثانوية العامة
ماما هنا