جنين مشوه

March 25th

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د.عماد جاد




رفضت جماعة الإخوان المسلمين وجود شخصيات معينة فى لجنة كتابة الدستور،


بعضها شخصيات حزبية رشحتها أحزابها، والبعض الآخر قامات وطنية متخصصة فى مجال عملها،

حققت إنجازات ملموسة فى درب من دروب المعرفة والعلم أو القانون والتاريخ،

وبدا واضحا أن جماعة الإخوان تضع فيتو أمام كل من تتذكر له قوة حجة فى نقد إدارة المرحلة الانتقالية،

أو كان مباشرا فى نقده لتحولات رجال الجماعة والتغيرات المتسارعة فى الخط العام، اللغة وطريقة إدارة الحوار.

عندما كانت الجماعة «محجوبة عن الشرعية» كانت قياداتها وكوادرها تسعى إلى وتحرص على التواصل مع منظمات المجتمع المدنى،

وكانت حاضرة بقوة فى فاعليات الأحزاب الليبرالية. كان قادة الجماعة مبتسمين دائما، حريصين على التواصل مع الجميع،

يظهرون قدرا كبيرا من التوافق مع كل الأفكار العصرية المطروحة على موائد الحوار التى تقيمها منظمات المجتمع المدنى،

التى ترعاها الأحزاب الليبرالية، كان قادة الجماعة أو بالتحديد المجموعة التى كانت تدفع بها الجماعة إلى موائد حوار منظمات المجتمع المدنى،

حريصين كل الحرص على الظهور بمظهر المتبنى لقيم المواطنة، والديمقراطية، وحرية الرأى والاعتقاد، كانوا حريصين على الوجود فى الندوات

من قبل أن تبدأ، وبنفس القدر كان حرصهم على التواصل مع قادة هذه المنظمات.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


تحولات جماعة الإخوان بدأت مع قرب انتهاء الأيام الثمانية عشرة، عمر ثورتنا المجيدة، بدأت لغة الحوار تختلف،

نبرة الثقة تصاعدت، الهرولة باتجاه مائدة حوار عمر سليمان لا كابح لها، وتوالت التحولات إلى أن جاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية،

فكان تديين الاستفتاء، وجاءت الانتخابات البرلمانية فكان ارتكاب كل المخالفات، إلى تشكيل لجان مجلس الشعب، ففى هذه العملية بدا واضحا

منطق الاستحواذ والسيطرة والأكثر خطورة كان منطق احتكار عملية تقسيم وتوزيع اللجان، فالقضية بالنسبة إلى الإخوان كانت السيطرة

على أكبر قدر ممكن من اللجان، وفى نفس الوقت، وعلى نفس القدر من الأهمية منع شخصيات محددة من تبوؤ مكان محدد فى لجنة من اللجان،

والسبب أنه دائم النقد للإخوان أو أنه شخصية خلافية، والسبب الجوهرى هو أن الجماعة وبالتبعية الحزب لا يريد شخصيات لها حجة ومنطق

أو تتمتع برؤى مهما كانت خبراتها، وإذا مددنا القضية إلى لجنة التعديلات الدستورية فسوف نجد الأمر مكررا، قرار باستحواذ البرلمان

على نصف مقاعد الجمعية التأسيسية للدستور، وقرار آخر مع السلفيين بالهيمنة على اللجنة التى سوف تختار أعضاء اللجنة من الداخل والخارج،

وهنا تكرر المشهد مرة ثانية لا مكان لكل من انتقد الإخوان وتحدث عن الصفقة مع المجلس العسكرى، لا مكان فى اللجنة لكل من كشف أبعاد اللعبة

فى المرحلة الانتقالية وقرر الخروج عن «مهزلة الانتخابات الرئاسية»، لا مكان لشخصيات وقامات أمثال الدكتور محمد البرادعى،

الدكتور علاء الأسوانى، الدكتور نور فرحات، الدكتور إبراهيم درويش، ولا الشاعر عبد الرحمن يوسف وغيرهم من الشخصيات

التى تمثل وجوه الثورة البارزة. تحول الإخوان فباتت اللعبة مكشوفة، تراجع الحرص على التواصل مع «الآخر» حتى كاد يتلاشى،

باتت منظمات المجتمع المدنى التى كانت سترا وغطاءً فى يوم من الأيام منظمات متهمة بالتآمر على البلد، بات الغياب أو الحضور المتأخر

سمة التعامل مع منظمات المجتمع المدنى. حدثت التحولات فابتعد قادة وكوادر الإخوان عن دوائر طالما حرصوا على الوجود فى وسطها،

واعتقدوا أنهم بإمكانهم معاقبة رفقاء الأمس الذين دافعوا عنهم فى أوقات الشدة، فبدأت القوى الحية فى مجتمعنا المصرى تنتفض من جديد

استعدادا لمواجهة قد تطول مع قوة كانت حتى الأمس القريب تلتمس الدعم والمساندة والمعونة، وعادة ما كانت تحصل عليها،

بدأت القوى الحية فى مجتمعنا المصرى تستعد لمواجهة جديدة مع البرلمان التى أحيلت أوراقه إلى المحكمة الدستورية،

والجمعية التأسيسية التى تكاثرت الطعون عليها من قبل أن تتشكل وتبدأ مهامها،

ففى أحيان كثيرة يكون القدر رحيما بالأم فيخلصها من جنين مشوه فى أسابيعه الأولى.