[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فلاح من أيام الوسيةعلاء عريبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لا أعتقد أن ثورة يناير قد أنصفت الفلاح المصري، ولا نعتقد أنها تلتفت
إليه وإلى مشاكله بشكل جاد، أو أنها تضع على أجندتها معالجة مشاكل الفلاح
من جذورها، ونظن أن ما قد تفكر فيه حكومات الثورة فيما بعد سوف يشبه ما قام
به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما أصدر بعض القرارات الإصلاحية
وليست الإستراتيجية، وقد كانت قراراته أيامها تعد ثورة ونقلة في حياة
الفلاح المصري،
لكن للأسف هذه النقلة لم تتبعها نقلات أخرى طوال السنوات الماضية، وتدهورت
حالة الفلاح وصل به الحال إلى أنه أصبح فلاحاً من فلاحى الوسية، أو فلاحاً
من أيام الوسية، قبل الثورة كان جلالة الملك أو أحد الإقطاعيين هو صاحب
الوسية، فى عصرنا الحالي تبدل الحال وانتقلت الوسية إلى الحكومة وبنك
التسليف وبعض رجال الأعمال، وظل الفلاح كما هو يعانى المرض والديون والفقر
وضياع المحصول ونفوق الماشية، ماذا فعلنا له خلال أكثر من ستين سنة؟،
أعدناه إلى أيام الوسية، تقاوي فاسدة، الأسمدة تباع في السوق السوداء،
الماشية تموت بين يديه بسبب الحمى القلاعية وغيرها، بنك التسليف يحجز على
محصوله أو منزله أو يزج به إلى السجن، الخضار والبطاطس والفاكهة ترفض الدول
استيرادها بسبب سوء التخزين أو رداءة التغليف أو لأسباب سياسية، وأمام
جميع هذه المشاكل يقف الفلاح وحيدا.
منذ أسابيع فوجئ الفلاح أن أعز ما يملك مصاب بالحمى القلاعية، هرول نحو
هيئة الطب البيطري، الأمصال لا تصلح للعترة التي أصابت الماشية، وعليه أن
يتحمل نفوق ماشيته حتى تتوصل هيئة المصل واللقاح إلى المصل المناسب للعترة
الجديدة، كيف دخلت هذه العترة البلاد؟، ومن الذي أتى بها؟، ولماذا الحجر
الصحي سمح بها؟، ومن الذي سيساعده ويعينه ويعوضه على مصيبته؟، كيف سينزل
الغيط بدون الجاموسة؟، وكيف سيدخل الزريبة ولا يجدها على المدود؟.
مساء أول أمس استغاث محمد عبد القادر نقيب الفلاحين بالدكتور السيد البدوى
رئيس حزب الوفد وبهيئة الحزب البرلمانية، ماذا حدث: آلاف الفلاحين استلموا
تقاوى قمح فاسد من وزارة الزراعة، رفع بعض الشتلات تشبه تماما الصناعية،
اعتقدت أنها شتلات بلاستيكية، قال: هذه تقاوى وزارة الزراعة، اسمها «مصر
واحد»، الفلاح الذي زرع التقاوي المحلية أصبحت ضعف هذه الشتلات، الفلاحين
أتخرب بيوتهم، حكي أحد نواب الوفد أنهم لولا تدخلهم لدى وزارة الري لقضت
قلة المياه على 4 آلاف فدان في إدفو بأسوان.
نستطيع أن نذكر العشرات من الأمثلة التي ترسم صورة فلاح من أيام الوسية،
وبإمكاننا أن نضع أمام الرأي العام العديد من المطالب التي تنتشل الفلاح من
مشاكله، لكن هل ستظل علاقتنا بالفلاح كعلاقة صاحب الوسية بالأجير العبد
«الخرسيس» أم سنتعامل بالقرارات الإصلاحية التي تعمل على نقله من حال إلى
أخرى أفضل درجة؟.
في ظني أن الفلاح المصري لم يحصل بعد على درجة المواطنة، ونحن نتعامل معه
بغطرسة صاحب الوسية أو بترفع الأفندية، لذا نحن مطالبون وبشكل سريع إدخال
الفلاح المصري تحت خانة المواطنة، في هذه الخانة يحق له أن يمثل فى
البرلمان ومجلس الشورى والمحليات، وفى خانة المواطنة يحق له أن يؤمن على
ماشيته ومحصوله وأرضه مثل سائر البلدان، وعندما يواجه كارثة مثل القلاعية
أو غيرها يجد من يعوضه، وفى خانة المواطنة الحكومة مطالبة بالتأمين عليه
طبيا هو وأسرته، فهو المواطن الوحيد الذي يعالج في المستشفيات على نفقته
الخاصة ولم يشمله التأمين الصحي، وفى خانة المواطنة يجب أن يتمتع الفلاح
بنظام التأمين الاجتماعى الذي يساعد أسرته عند عجزه أو وفاته بصرف معاش
يتناسب ومتطلبات الحياة، فى خانة المواطنة يحق للفلاح المصري أن يمثل في
اللجنة التي ستضع الدستور، ومن حقه أن يحافظ الدستور على حقوقه، فهل حكومات
الثورة ومؤسساتها ستضم الفلاح المصري إلى خانة المواطنة؟.