كيف تعلم «معايير الخبر الصحفى»

March 7th, 2012 9:24 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
محمد خير




لو لم يتبرع النائب باسم كامل بتوضيح الدخل الحقيقى لعضو مجلس الشعب «نحو 11 ألف جنيه»، لظل الناس يتداولون تلك الأرقام الأسطورية

التى تراوحت بين خمسين ألف جنيه وصولا إلى ربع مليون جنيه شهريا، يبدو الأمر كأننا نعانى فوضى أرقام، لكن الواقع

أننا نعانى فوضى معلومات شاملة، تُرى كم مرة قرأت أن المصريين ينفقون على السحر والشعوذة نحو عشرة مليارات جنيه سنويا

طبقا لدراسة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية؟ عن نفسى قرأت هذا الرقم مرارا حتى صادف أننى كنت أكتب مقالا عن ذلك الأمر

وتقصّيت قليلا، لأكتشف أن الرقم لا أساس له من الصحة، بل إن الدراسة التى يستند إليها الرقم دراسة وهمية تماما ومؤلفها وهمى كذلك،

هل تعجبت كفاية؟ لتتعجب أكثر عندما تكتشف أن جريدة «الوفد» كانت قد كشفت كذب الدراسة

بل نقلت عن المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أنه لم يجر هذا البحث أصلا،

ومع ذلك فما زالت جميع الصحف تنشر نتائج تلك الدراسة الوهمية وتستند إليها كل يوم!

ولا عجب فما زال الناس على الإنترنت يتداولون صورة عجيبة تعرض عددا من جوازات السفر،

وتدعى أن الباسبور الكندى مكتوب عليه «نحرك أساطيلنا من أجلك»، بينما الباسبور المصرى يقول «عند فقد الجواز تدفع غرامة مالية»،

والواقع أننى لا ألوم كثيرا من يعتقد أن كندا تمتلك أساطيل هائلة تجوب البحار، قدر ما يحيرنى ذاك الذى لم يحاول النظر فى جوازه المصرى

الذى لا يطلب سوى إبلاغ السلطات عن فقد الجواز، لكنى شعرت بالخطر فى أثناء لقاء المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل

مع الإعلامية دينا عبد الرحمن، عندما أكد أبو إسماعيل أن ما لدى المواطنين المصريين من ثروة

ما بين مدخرات وعقارات وذهب يساوى 200 تريليون دولار! علما بأن إجمالى الناتج المحلى لأغنى دولة فى العالم

وهى الولايات المتحدة الأمريكية لا يزيد على 15 تريليون دولار فقط، وهى تمثل نحو ربع الإنتاج العالمى،

أو للدقة 23% من حجم الإنتاج العالمى الذى لا يقترب من ثلث الرقم الذى يظن المرشح الرئاسى أن المصريين «يحوشونه».

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


فى الدول التى تعانى الاستبداد طويلا تضمحل قيمة العلم وأدواته ويتنفس الناس الشائعات بدلا من المعلومات،

وذلك لأنهم لم يتعلموا كيف يتأكدون من المعلومة، وكذلك لأن المعلومة نفسها غير متاحة،

من هنا تأتى أهمية مشروع القانون الذى أعدته منظمات المجتمع المدنى «دعم لتقنية المعلومات،

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومؤسسة حرية الفكر والتعبير بالتعاون مع نشطاء» وتقدمت به إلى البرلمان

تحت عنوان «مشروع قانون حرية تداول المعلومات»، بوصفه حقا أساسيا من حقوق الإنسان،

و«ركنا محوريا فى تأسيس دولة القانون واستباق الفساد»، والواقع عزيزى المواطن أنك لن تصبح مواطنا حقا

إلا فى اليوم الذى تطلع فيه على المعلومات التى تريد من الجهة التى تريد، دون أن يتجاهلوك أو يطردوك،

نصف حقك كمواطن أن تنتخب ممثليك، أما النصف الثانى فهو أن تمتلك حق الاطلاع والرقابة،

وربما لا تعلم أن بطاقة الصحفى المصرى مكتوب على خلفيتها «تقدم السلطات المختصة لحامله المعلومات وتسهل مهمته»،

إلا أنك إذا أردت الواقع فضع قبل العبارة السابقة كلمة «لا»!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


لكن إلى أن يبت البرلمان فى إقرار القانون من عدمه، فإن عليك مسؤولية أن تتأكد من الخبر قبل أن تصدّقه،

وبالطبع قبل أن تنقله، إنها مسؤولية الإعلام أولا، لكنك تبقى شريكا، فأنت من تتوجه إليه الأخبار، فاعلم أن أولى خطوات الحصول على خبر صحيح

هى أن «تحصل على الخبر من مصدره»، فإذا قيل مثلا إن حزب النور قد فصل نائبا، فعليك أن تقرأ الخبر على موقع الحزب

قبل أى مصدر آخر، ولا تثق بخبر مجهّل على غرار «صرّح مصدر بأن كذا» إلا لو كان من جهة يتبعها هذا المصدر

كأن تقول صفحة المجلس العسكرى «صرح مصدر عسكرى بأن كذا»، أما لو كان حدثا عاما مثل «حريق فى مصانع العاشر من رمضان»

فعليك أن تقرأ الخبر فى مصدرين مختلفين «الأهرام والتحرير مثلا»، أما لو كان الخبر على «تويتر» عن الاعتداء على المعتصمين مثلا،

فلا تأخذ الخبر إلا ممن كان هناك بنفسه، وليس ممن سمع مثلك. أما إذا كان الخبر خارجيا «عن سوريا مثلا»

فالجأ إلى مواقع وكالات الأنباء مثل «رويترز».

وتذكر أن الخبر السليم لا بد أن يجيب عن الأسئلة الخمسة: ماذا ومن وأين ومتى ولماذا؟

وبهذا فارفض فورا خبرا على غرار «خمسين مليار دولار لمصر مقابل الإفراج عن الأمريكيين»،

فهو خبر بلا مصدر ولا وثيقة ولا تعليق من أحد الأطراف المعنية.


ترى هل استفدت من هذا المقال؟ أرجوك لا تجب فورا، ابحث فى جوجل عن «معايير الخبر الصحفى» وتأكد بنفسك.