استرداد الثورة «2»

January 24th, 2012 10:04 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د.عز الدين شكرى فشير


قلنا لنفحص الخطايا الخمس للمرحلة الانتقالية،

لنرى أيًا منها يمكن مواجهته بدعم جماهيرى. واتفقنا أن تطهير مؤسسات الدولة، من الشرطة إلى القضاء والإعلام،

هو أقرب هذه الخطايا لقلوب الناس، والخطية التى ستجمع الأغلبية على ضرورة تصحيحها وبسرعة، وهى خطية هامة،

لأنها تشمل القصاص ممن أجرموا، ومحاسبة من أفسدوا، وحماية من حاولوا الإصلاح أو تأدية عملهم بأمانة،

وبدء عملية المصالحة بين الشعب ومؤسسات دولته. قال محدثى إن بدء عملية التطهير ستساعد أيضا

فى معالجة الخطية الثانية للمرحلة الانتقالية، وهى مطاردة أهل الثورة وتلطيخهم. قلنا حسنا، ها هما مطلبان هامان للثورة فى يومها.

سألته: ماذا عن الخطية الكبرى، أم الخطايا، وهى استئثار المجلس العسكرى بالحكم خلال المرحلة الانتقالية؟

قال إن الحل هو تسليم السلطة بأسرع وقت لرئيس مدنى منتخب- أيا كانت طريقة انتخابه، وسيكون ذلك أحد أهداف يوم 25 القادم.

قلت على البركة. لكننا نحن الاثنين غير متأكدين أن الأغلبية سترى فى هذا المطلب شيئا جديرا بالدعم،

خصوصا إذا ما أكد المجلس العسكرى فتح باب الترشح للرئاسة فى أبريل. وكلانا غير متأكد من أن إجراء انتخابات تحت إشراف المجلس -

فى ذات الظروف والأجواء التى أفرزت البرلمان الجديد- ستؤدى إلى أكثر من صفقة بين الإخوان والمجلس العسكرى.

بدا محدثى غير متحمس للمطالبة بنقل السلطة هكذا.


سألت عن الخطية الرابعة، وهى عدم إجراء انتخابات لجمعية تأسيسية ممثلة لألوان طيف الشعب المصرى تضع الدستور الذى نريده حاميا للحريات.

هز محدثى رأسه أسفا، وقال إن أوان ذلك قد فات، والأفضل الآن هو التركيز على ضمان تمثيلية لجنة المئة لكل فئات الشعب.

سألته إن كان هذا الأمر يصلح كمطلب ليوم 25 فأبدى تشككه،

ففى رأيه لا تحتل عملية صياغة الدستور قلب ووجدان مؤيدى الثورة أو الأغلبية كى يحتشدوا خلف هذا المطلب.


بقيت الخطية الخامسة وهى إجراء انتخابات البرلمان فى هذه الأجواء، ووفقا للقانون الانتخابى الغريب الذى وضعه المجلس،

وتحت إشراف لجنة انتخابية يعلم الله بحالها.

سألته: هل يمكن حشد أغلبية خلف مطلب يصحح هذه الخطية؟

فقال بالطبع لا.

قلت يا أخى ما دام الأمر كذلك فلمَ لا تفتح عينيك وترى الحقيقة الواقفة أمامك؟

ألا ترى أن استرداد الثورة يحتاج إلى نضال سياسى منتظم ومستمر تدعمه تجمعات سياسية قوية؟

ألا ترى أن معظم خطايا المرحلة الانتقالية ستستمر وتتدعم ما لم يواجهها عمل سياسى طويل النفس؟

كيف ستسترد التمثيل الرسمى للشعب، أليس من خلال الفوز بأغلبية فى انتخابات قادمة؟ وكيف تفوز فى انتخابات -وبأغلبية-

إن لم تنظم نفسك؟ كيف ستحمى الحريات فى الدستور القادم، وكيف ستسعى لتوسيع هامش هذه الحريات فى الممارسة وفى أى تعديل دستورى تالٍ،

أليس من خلال عمل سياسى منظم وممتد؟ وكيف ستقف أمام الرئيس الذى سيختاره لك الإخوان والمجلس العسكرى؟

والأهم، كيف ستأتى بمرشح رئاسى فى الانتخابات التى تليها وتبنى تأييدا شعبيا له إن لم يكن لديك آلة تنظيمية سياسية قوية؟

قال محدثى: لا، الثورة مستمرة. قلت والله العظيم مستمرة، لكن كيف تستمر؟

هل للثورة أسلوب واحد أم تعدل أسلوبها وفقا لتطور الأحوال؟ بدأت بتظاهرات ومواجهات مع الشرطة،

فهل كتب عليها الاستمرار بتظاهرات ومواجهات مع الشرطة؟

ألا يوجد فصول مختلفة لهذه الثورة، بإيقاعات مختلفة وأداء مختلف لكل فصل؟

نفد صبر محدثى منى، فقام وقال إن عليه الذهاب إلى ميدان التحرير، وسألنى إن كنت سأذهب معه أم أبقى فى بيتى أنظر.

قلت سأذهب طبعا، فنحن الاثنان فى قارب واحد.

لكنى أذكرك أنك ما لم تبدأ فى التنظيم وظللت فى التحرير فستغرق وتغرقنى معك. قال هيا بنا، فقمنا.