[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]من صفحات التاريخ : لعبة المال ولعبة السياسةعلاء الدين الجمل
كثيرون دخلوا لعبة السياسة فقراء ..
وخرجوا منها أغنياء ... خرجوا بالملايين والمليارات .. خرجوا بالفضة والذهب
والماس .. دخلوا السياسة وهم لا يفهمون منها سوي السلب والنهب وهم بأمر
السياسة أجهل من دابة الأرض .. وخرجوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وليس
حسني مبارك أولهم ولن يكون آخرهم .
وقليلون دخلوا السياسة أغنياء وخرجوا منها فقراء ويذكر التاريخ لنا صفحات ناصعة البياض نذكر منها في العصر الإسلامي :
عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس وهو أحد الخلفاء الأمويين وجده
لأمه هو عمر بن الخطاب .... لقد عرف عنه قبل أن يكون خليفة أنه كان غنيا
يلبس أفخر الثياب وتشم رائحته من آول دخوله المدينة ... ولما تولي الخلافة
جلس للناس علي الأرض ورفض أن يسكن قصر الخلافة فبني له بيتا من الطين ...
مرت عليه فقيرة تسأل العطاء فقالت : ويحي هل تراني جئت أعمر بيتي من هذا
البيت الخرب فقالت لها زوجته وهي ابنة عمه الخليفة عبد الملك بن مروان
وأخوتها الخليفة الوليد بن عبد الملك والخليفة سليمان بن عبد الملك قالت :
إنما خربه أمثالك ... هذا الخليفة الراشد أمر ببيع مراكب قصر الخلافة ورفض
أن يركبها وقال ( دابتي أرفق لي ) ووضع ثمنها في بيت المال وتبرع بكل ماله
وما أهدي إليه إلا قطعة أرض اشتراها لنفسة ووضع كل ذلك في بيت المال .. كما
وضع كل ما تملكه زوجته من مال حتي عقدها الذي أهداها لها والدها في بيت
المال ... وصادر أموال بني أمية التي أخذت بدون وجه حق وكل مالا يثبت
ملكيته بحجة ووضع كل ذلك في بيت المال وحدد لبني أمية رواتب تكفيهم الحاجة
... ونشر العدل وقضي علي الفقر في سنتين ونصف فقط في دولة تمتد من الصين
شرقا إلي حدود فرنسا غربا ...
جاءه يوما عامله علي أفريقيا الذي
ذهب إلي هناك ليوزع الصدقات فلم يجد فقيرا في أفريقيا التي تعاني اليوم
الفقر والمجاعة والبؤس والمرض .. فقال له عمر : وماذا فعلت في الأموال ؟
قال : اشتريت رقابا وأعتقتها في سبيل الله ... قال عمر : ولما لم تبحث عن
فقير في مكان آخر .. قال لم يعد في دولتك فقراء يا أمير المؤمنين إلا اثنين
.. قال ومن هما ؟ .. قال أنا وأنت ... الله الله .. أفقر الناس هم من
بيدهم مقاليد أمر البلاد والعباد الخلفيفة وعامل الخراج والصدقات
ولما حضرة الوفاة عمر بن عبد العزيز لم يكن عنده سوى ثوب واحد وثمانية عشر
دينارا .. فقال له أعوانه .. يا أمير المؤمنين أوصي لأبنائك بنفقة من بيت
المال ... فقال : ما منعتهم حقا لهم ولم أعطيهم حق غيرهم فإن يكونوا صالحين
فإن الله يتولي الصالحين وإن يكونوا غير ذلك فلا أبالي ما يقع بهم ...
ويموت الخليفة فيبني له قبر بخمسة عشر درهما ويتبقي ثلاثة ... لكن الله
يتولي الصالحين .. فنري أبناءه بعد ذلك أغنياء يجهزون الجيوش في سبيل الله .
ومن التاريخ الحديث نذكر الزعيم الوطني محمد فريد الذي تولي الكفاح الوطني
ضد الاحتلال البريطاني لمصر في ظروف صعبة وذلك بعد وفاة مصطفي كامل عام
1908 م .. فسجن واضطهد ونادي بالتعليم الليلي و الأهلي وظل يصرف من ماله
فقد كان ثريا غنيا ثم فر من اضطهاد الإنجليز له بعد أن سجنوه مرتين إلي
أوربا يقاوم الاحتلال حتي مات فقيرا غريبا عن وطنه في ألمانيا .
قارن أنت بين هؤلاء الرجال وبين غيرهم من الساسة ... فأما هؤلاء فقد دخلوا
السياسة أغنياء فأنفقوا كل أموالهم وخرجوا منها فقراء ...
وأما أمثال حسني
مبارك وغيره ممن شاركوه الحكم فقد دخلوا السياسة فقراء صعاليك منهم الطبال
ومنهم دون ذلك ثم خرجوا من السياسة أغنياء ... لكنهم كانوا أغبياء ...
فالغني يكون بحب الله والملائكة وحب الناس له لا بماله الذي سلبه من الحلال
ومن الحرام ... فهل يدخل الحكم والسياسة من يحرصون علي المال .. أم يدخل
السياسة رجال يحرصون علي العدل وإرضاء الله ثم الناس ... فيدخلون أغنياء
ويخرجون فقراء .. أو يدخلون السياسة فقراء ويخرجون فقراء فيكونوا أغنياء
بفضل الله وحب الناس لهم
( إن في ذلك لعبرة لمن يخشي )