السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
نحن نسلم بأن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير
بل إن الله قادر على أن يخلق النقيضين
بل إنه جل وعلا يجمع بين النقيضين في وقت واحد
فقد
قال الله عن أصحاب الكهف : ( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا
بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا
يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ )
[ الكهف :19 ]
فلو كانوا هؤلاء الفتية
رأوا على أنفسهم تغيراً في الخلقة - بأن طالت أشعارهم وأظفارهم واحدودبت
ظهورهم وخطهم الشيب - لما قالوا : ( لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ )
لكن الله جل وعلا أوقف الزمان الذي يجري علينا عن أصحاب الكهف فلم تجرِ
عليهم أحكام الزمان فلم تحدودب لهم ظهور، ولم يطل لهم شعر، ولم تنم لهم
أظفار، ولم يخطهم الشيب ، ولم يتغير منهم شيء
فهذا وقع من غير جمع للنقيضين
وأما
النقيضان فقد جمعهما الله جل وعلا في قصة الرجل الذي قال عنه : ( أَوْ
كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ
أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ
مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى
طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ
نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ
أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
[ البقرة :259 ]
فأين الجمع بين النقيضين ؟
إن الجمع بين النقيضين أن الله في مكان واحد أجرى الزمان على شيء ولم يجره على شيء آخر
فالحمار أجرى الله عليه أحكام الزمان فمات وأصبح عظاماً نخرة
والطعام لم يُجرِ عليه أحكام الزمان فمكث الطعام مائة عام لم يفسد ولم يتغير منه شيء
ثم بعثه الله فشاهد بعينيه أحكام الله تجري على شيء ولا تجري على شيء آخر
وهذا كله بقدرة الرب تبارك وتعالى
والحكمة وراء ذلك كله بيان :
أنه لا يقدر على هذا الصنيع إلا الله
فلا يمكن لأحد مهما بلغت قوته ، وعظمت سطوته ، وجل سلطانه أن يقدر على أن يصنع هذا الشيء أبداً
فهذا
من خصائص الله التي جعلت ذلك العبد يقول لما رأى الآية بأم عينيه في طعام
له مائة عام لم يفسد وحمار أصبح عظاماً نخرة : ( أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
ومن علم أن الله على كل شيء قدير فإنه إذا ذكر بآيات الله يخاف