الأدب مع النفس
يؤمن المسلم بأن سعادته في كلتي حياتيه الأولى والثانية موقوفة على مدى تأديب نفسه وتطيبها وتزكيتها وتطهيرها،
كما أن شقاءها منوط بفسادها وتَدْسِيَتِها وخبثها، قال تعالى:{ قَدْ
أفْلَحَ
مَنْ زَكَّاهَا * وَقدْ خَابَ مَنْ دَسَّاها} الشمس:10،9.
كما يؤمن المسلم بأنَّ ما تطهر عليه النفس وتزكو .. هو
حَسَنَةُ الإيمان والعمل الصالح، وأن ما تَتَدَسّى به
وتَخبَثُ وتفسِدُ .. هو سيئَةُ الكُفرِ والمعاصي، قال
تعالى:
{ وَأقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ
الليلِ إنّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات}هود114.
من أجل هذا يعيش المسلم عاملاً دائماً على تأديب نفسه
وتزكيتها
وتطهيرها إذ هي أولى من يؤدب فيأخذها بالآداب المطهرة
لأدرانها كما
يُجَنِبُها كلّ ما يدسيها ويفسدها من سيء المعتقدات
ومفاسد الأقوال والأفعال، يجاهدها ليل نهار ويحاسبها في
كل ساعة يحملها على فعل الخيرات ويدفعها إلى الطاعة دفعاً
كما يصرفها عن الشر والفساد صرفاً ويردها رداً وهو نفس ما درج
عليه السابقون الأولون من سَلَفِ هذه الأمّةِ الصالح إذ أخذوا به
أنفسهم حتى تمَّ لهم اليقين وبلغوا درجة المقربين.
فإذا عرف المسلم هذا عبّأ نفسه لمجاهدة نفسه فأعلن عليها
الحرب
وشهَرَ ضدَها السلاح وصمم على مكافحة رعوناتها ومناجزة
شهواتها، فإذا أحبَّتِ الراحة أتعبها، وإذا رغِبتْ في
الشهوة حرمها، وإذا قصرت في طاعة أو خير عاقبها ولامها، ثم
ألزمها بفعل ما قصرت فيه وبقضاء ما فوَّتتهُ أو تركتْهُ يأخذها
بهذا التأديب حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنّ المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبُهُ، فإن زاد زادَت حتّى تَعْلو قَلْبَهُ"رواه الترمذي وهو
حديث حسن
صحيح.
والحمد لله تعالى والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه .