نفس ممزقة تئن من تجاذب الأفكار وتنافرها بين الوعى واللاوعى فى متاهة احتواء الذات أو انهيارها وأوراق مبعثرة لبقايا عمر لوجه مشرق صادق بدموع هاربة وجواز سفر على مكتب قديم، وجدران غرفة عتيقة مثله وحقيبة سفر مليئة بكتب التاريخ والفلسفة وعلم النفس وبقايا هموم قاتلة ولكنها اعتاد عليها، ولكن هذه المرة أصبح لا يحتمل الوضع الذى هو فيه من سفسطة جدليه مع من حوله واتهامات وخيانات وأصبح حال البلد مخيف يشعر بالغربة الداخلية فى مكانه حتى هو نفسه بدأ يشك فى نفسه من تأثره بمن حوله من تدنى الوضع وكأن كل شىء أصبح مباحاً، كيف تسير الأمور أصبح لا يدرى، كل شىء يرتد إلى الخلف، رأى من الأفضل أن يسافر إلى مكان آخر يحتضنه لعله يولد من جديد، كل من حوله يئن لقرار سفره، لأنه جزء من الكل حتى الأشياء من حوله ترفض الرحيل، زرع كل شىء جميل فى نفسه ومع من حوله.
نظرات أمه لا يستطيع أن يواجهها، ولكنها قالت له: "أليس أنت الذى قلت لنا على المرء أن يدرك حقيقته ومعدنه وقت الشدائد والفارس الحق هو من يستمر فى المعركة إلى النهاية إلى من تترك مكانك، فهذا بعينه استسلام خيانة للنفس والمبادئ والوطن.
كان قراره بالرحيل حاسم، ودع أمه ودموعها تنهمر كالسيل الجارف ركب السيارة وفى طريقه إلى المطار، دارت أحداث العمر كلها أمام عينيه وصدى كلمات أمه مازالت تتردد بداخله، وصل إلى صالة المطار وجلس فى انتظار رحلته، كانت الأشياء تداعبه الأماكن جدران بيته، ذكرياته أوراقه كتبه.
فجأة انتبه لصوت الرحيل عليه أن يلقى آخر نظرة لمن حوله ويتجه لختم جواز السفر بمغادرة البلاد، أصيب بحاله من الهذيان والتشتت مرددا جواز السفر بحث عنه فى كل مكان بين أغراضه وجلس برهة من الوقت ليتذكر، ويحاول استعادة المفقود أصيب بحالة هستيرية من الضحك تذكر انه لم يضعه فى جيبه ومازال الجواز على مكتبه بين أوراقه المبعثرة بين جدران غرفته العتيقة.
موضوع: إلى من تترك مكانك ؟!! 
