س : ما المقصود بغسيل الأموال ، وما حكمها ؟
الجواب : المراد بغسيل
الأموال أن يجري الشخص معاملة يقصد منها التستر على معاملة أخرى محرمة ،
مثل أن يريد شخص أن يهرب مخدرات – مثلًا – من بلد إلى بلد ، أو ينقل أموال
من بلد إلى بلد ، فيجري عقود صورية بأنه مثلًا واشترى سيارات مثلًا أو
بغيرها من السلع المباحة لأجل أن يموه ويتستر على المعاملة المحرمة . هذا
تبسيط هذه المعاملة . وغسيل الأموال محرم ؛ لما فيه أولًا من التعامل بشيء
محرم ، وهو في الغالب يكون بأشياء محرمة ، والشيء الثاني أنه فيه أيضًا
كذب ، وغش ن وتدليس .
س : ما حكم المتاجرة بالبورصة ن وما المقصود بها ؟
الجواب
: طبعًا ستأتينا إن شاء الله لاحقًا لكن إشارة سريعة ، ربما يغلب على الظن
أن سؤال السائل يقصد به بورصة العملات ، وهناك السوق المالية التي يكون
فيها تداول العملات " الريالات ، والدولارات ، وغيرها " بيعًا وشراءً ،
والصورة المنتشرة الآن التي يكثر السؤال عنها هي صورة البيع ما يعرف
بالمارجن (Margin) أو الشراء في الهامش . كيف هذا ؟ والآن هي انتشرت ،
وللأسف بشكل كبير .
يأتي شخص إلى سمسار من سماسرة البورصة الذين
يتاجرون بالعملات ، ويضع عند السمسار رصيد ، مثلًا يضع رصيد تأمين عشرة
آلاف ريال ، والسمسار هذا قد يكون بنك ، وقد يكون شركة تمويل ضخمة ، يعطيه
قرض تمويل يعطيه مبلغ تمويل مثلًا نصف مليون دولار ، يقول : هذا رصيد عنك
الآن ، ما أعطاه المبلغ حقيقي ، وإنما رصيد لديه ، يقول هذا نصف مليون
دولار تبدأ تتاجر به . لكن تضع تأمين عندي مثلًا عشرة آلاف دولار ، فهذا
الشخص الذي وضِع في رصيده نصف مليون دولار يبدأ يضارب بالعملات ، يشتري
بالدولارات هذه مثلًا "يورو" ثم إذا ارتفع سعر اليورو باعه ، واشترى مثلًا
دولارات ، ثم إذا ارتفعت الدولارات مقابل "الين" باعها ، واشترى " ين " .
الآن سؤال ما فائدة السمسار ، لماذا يضع نصف مليون دولار – مبلغ ضخم – لهذا الشخص حتى يتاجر به .
نقول
أولًا : هذا المبلغ لم يكلف السمسار شيء ، لأن في الغالب السمسار يتعامل
مع بنك أو هو في الواقع بنك ، وهو لم يعطه مبلغًا حقيقيًا ن وإنما أعطاه
رصيد ، يقول : تبدأ تتاجر بتلك العملة لأنه يعلم لن يسحب ذلك الرصيد ، ولا
يسمح له بسحبه ، وهذا معروف في البنوك ، ويسمونه " توليد النقود " يعني من
خصائص البنك أن عنده القدرة على أن يولد النقد ، فالنقود التي في البنك
مثلًا فقط مليار ريال ، لكن يستطيع أن يعطي قروض تصل إلى خمسة مليار ريال
.. لماذا ؟
لأن أغلب الناس الذين تأتيهم القروض الذي يدعمهم البنك ،
ويمولهم ما يأخذون الأموال نقدًا ، وإنما هي مجرد أرصدة . فالآن ما فائدة
السمسار :
نقول : السمسار أولًا هو لم يخسر ، يشترط على العميل الذي
يتعامل معه أن أي صفقة يبيع أو يشتري يأخذ السمسار عمولة ، مثلًا ثلاثين
دولار عن كل عملية بيع ، وثلاثين دولار عن كل عملية شراء ، وهكذا ، ويشترط
عليه أيضًا أنه إذ لم يقم بإغلاق حسابه ، وتسديد الدين الذي عليه ، وبقيت
النقود التي عليه إلى يوم آخر ، فإنه سيدفع فوائد مقابل ذلك . هذا هو
تصوريها المبسط .
وهذه المعاملة لا تجوز لعدة أمور :
أولًا :
لأنها مبادلة نقد بنقد ، ولم تتحقق فيها التقابض الشرعي ؛ لأنه الآن يبيع
"دولارات" بـ " ين " أو مثلًا بـ " يورو" لا يتحقق التقابض الحقيقي ،
وإنما يتم فقط قيود يسمونها " قيود ابتدائية " ليس هناك تسلم ، وتسليم
حقيقي ، وهذا المحظور الأول .
فيها محظور ثاني : الآن السمسار ، الممول
يقرضه مبلغًا من المال ، وينتفع بذلك القرض ، فهو قرض جر نفعًا ، يأخذ
العمولة التي يتعامل بها ذلك الشخص ، وأيضًا فيه شرط محرم . وأنه يشترط
عليه أنه إن لم يسدد القرض في نفس اليوم ، فإنه يأخذ عليه فوائد .
فلهذه
الأسباب المتاجرة في البورصة عامة ، وبطريقة ما يعرف " مارجن " أو الهامش
هذه لا تجوز ، وربما تسألون عنها كثيرًا لأنها الآن من المعاملات
المستحدثة التي استفحلت وانتشرت ، وكثير من الناس يظن ، ويقولون أنها "
بورصة إسلامية " ويقولون : نفتح حساب إسلامي .
يقصدون بالحساب الإسلامي : أن ما يشترط عليه أن يدفع فوائد إذا تأخر السداد إلى اليوم التالي .
نقول
: وإن انتفى هذا المحظور .. يبقى محاذير أخرى : عدم تحقق التقابض ،
والعمولات التي يأخذها السمسار مقابل هذه العملية . فهي لا تجوز .
س : بعض الأطفال يبيع في السوق . فما حكم الشراء منهم .
الجواب
: الصحيح في بيع الصغير أنه جائز ، ويبقى معلقًا على إذن وليه . بمعنى :
لو أن وليه أبطل تلك المعاملة فله الحق في ذلك ، لكن من حيث الأصل البيع
صحيح ، ومثله أيضًا الشراء ، شراء الصغير صحيح ، ويبقى معلقًا على إجازة
وليه ، فلو أن وليه - مثلًا- جاء إلى البائع وقال : أنا لم آذن بذلك
الشراء ، فإنه يلزم البائع أن يرد الثمن ، إلى الصغير ، ويسترد هو سلعته .
س : اكتتبت في الشركة التعاونية للتأمين بعد إفتاء أحد المشايخ في
التلفاز ، وبعد تداول الشركة ظهرت فتوة أخرى تحرِّم التعامل مع هذه الشركة
. ماذا أفعل بأسهمي الموجودة في الشركة الآن . علمًا بأن عدد الأسهم كبير
جدًا ، والمربح كثير ؟
الجواب : بالنسبة لهذه الشركة الذي أراه أن
التأمين الذي تقدمه هذه الشركة تأمين تجاري ، والذي عليه قرارات المجامع
الفقهية ، وأغلب العلماء المعاصرين أن التأمين التجاري مُحَرَّم ، وعلى
هذا فالاكتتاب في هذه الشركة وشراء أسهمها لا يجوز ، ونقول للشخص الذي دخل
تلك المعاملة هو في الحقيقة دخل تلك المعاملة بناءً على فتوى ، وأخذ بفتوى
لم يكن يعلم أنها محرمة . فنقول له يلزمك من حين علمت أنها محرمة أن تبيع
تلك الأسهم ، ولك المال الذي كسبته فيها لأنك لم تكن تعلم بالتحريم من قبل
، أما إن كنت تعلم بالتحريم ، واستمريت تملكك لتلك الأسهم ، وربحت فيها
بعد علمك بالتحريم ، فنقول : هذه الزيادة التي ربحتها بعد العلم بالتحريم
يجب أن تتخلص منها ؛ لأنها زيادة محرمة بعد أن علمت بتحريمها ، وهاهنا
قاعدة مهمة : أن الشخص إذا كسب مكاسب محرمة وهو يجهل تحريمها ، ثم عَلِمَ
بالتحريم بعد ذلك ، إن كان من المحرم لكسبه الذي أشرنا إليه قبل قليل فلا
يلزمه التخلص منه . مثل السائل هذا الذي كان جاهلًا ثم عَلِمَ ، مثل حال
الشخص الفاسق ثم تاب ، حكمهما واحد . وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله تعالى ، فقال : حكم الجاهل كحكم التائب من محرم .
س
:أنا رجل أبيع واشتري في سوق الأسهم ، وقد قرأت الفتوى التي أصدرها
فضيلتكم ، ووزعت ، ونشرت على الإنترنت ، والتي تتضمن بيان حالة الأسهم
المحرمة ، والنقية ، والخليطة .
والسؤال : هل يجوز المضاربة اليومية في جميع الأسهم المذكورة ، أم في النقية فقط ، أرجو من فضيلتكم توضيح ذلك .
الاجابة :
الفتوى التي نشرتها تتضمن ثلاث أنواع من الشركات .
شركات
محرمة : هذه لا تجوز المضاربة فيها ولا الاستثمار فيها ، فلا يجوز الدخول
فيها لا على سبيل المضاربة يعني البيع والشراء ، ولا على سبيل الاستثمار،
بمعنى أن الشخص يأخذ أرباح من تلك الشركة.
والنوع الثاني : الشركات النقية ، التي ليس فيها أي معاملة محرمة . هذه تجوز المضاربة فيها ، والاستثمار كذلك .
والنوع
الثالث : الشركات المختلطة : التي يكون أصل نشاطها مباح ، لكن قد يكون
فيها بعض المعاملات المحرمة الطارئة ، فهذه من حيث الأصل يجوز المضاربة
فيها والاستثمار ، ولكن إذا أخذ شيئًا من الأرباح التي توزعها الشركة
يلزمه أن يتخلص نسبة العائد المحرم الذي في تلك الشركة ، والذي ينبغي ألا
يزيد عما هو يسير في العرف ، يجب أن يتخلص منه ، ولا يدخل في شيء من
أمواله .
أما المضارب الذي يبيع ، ويشتري فهذا في الحقيقة لم يدخل إلى ماله شيء من المعاملات المحرمة ، فلا يلزمه تقدير شيء من تلك المكاسب .
من دروس الدكتور يوسف بن عبدالله الشبيلي