كم تمنينا العودة إلى حياة البراءة والنقاء ؟
نعم أريد أن أعود طفلاً !!
عندما كنت طفلاً ، كان أبي يفرح عندما أمشي وأسقط ،
ويحلف لهم بأني سأنجح ، فكنت أفرح بذلك ...
عندما كنت طفلاً ، كنت أبكي عندما أجوع ، وأبكي عندما أتضايق ،
وكان البكاء رفيقاً لي في غالب يومي ، لا أخشى من أحدٍِ عندما أبكي ...
عندما كنت طفلاً ، لم أكذب أبداً ...
عندما كنت طفلاً ، كنت أعيش يومي ، ويومي فقط لا غيره ...
عندما كنت طفلاً ، كان يومي يمر بفرح وسرور ...
عندما كنت طفلاً ، كنت أقدر الصديق ولا أعرف الخيانة أبداً ،
وأبوح له بكل شي يدور حتى في بيتنا ...
وفجأة ... وبدون سابق إنذار كبرت ، فوجدت أن الصغار هم الأسعد في حياتهم ،
وأني أعيش في كربة وهم ...
تمنيت أن أعود طفلاً ، حتى لو اضطررت لدفع كل ما أملك !!
بحثت عن السبب الذي جعل هؤلاء الصغار أكثر سعادة مني ،
وأن الشقاء والهم لا يفارقني منذ أن كبرت ...
فوجدت أن الحياة تغيرت والمواقف تبدلت ..
عندما كبرت ، كان أبي يعاتبني عندما أسقط وبغلظة يقول :
" وش فيك أعمى أنت ؟؟!! " ..
و في بعض السقطات يضربني ..
عندما كبرت ، لم أستطع يوماً أن أبكِ أبداً ،
لأني قد تعلمت تلك القاعدة البائسة :
" الرجال ما يبكي !! " ..
فأكتم الحزن تلو الحزن في سجن صدري ..
عندما كبرت ، أصبحت محترفاً في الكذب ، دقيق في حبك الكذبة ..
لذا لم يستطع أحد أن يقبض علي في كذبة ، فعشت تعيساً من الداخل ..
عندما كبرت ، أعيش هذا اليوم وأنا أفكر في غدٍ وبعد غدٍ وبعد عشر سنوات ..
لذا لا أحس ليومي طعماً ، فهو مر كمرارة الحنظل ..
عندما كبرت ، أصبح لزاماً علي أن أكون [ثقيلاً] لا أضحك ولا أتبسم
إلا أول ساعات يوم العيد ..
فـقد تعلمت ممن كان قبلي أن :
الضحك ليس للرجال ..
عندما كبرت ، هان علي الصديق ،
وأضحى الصاحب من الحاجات الثانوية في حياتي ..
بل وأستطيع أن أفرط به في لحظة ، وعند أي موقف ..
أحبائي :
من هنا دعوة لأن نعود لحياة الطفولة الجميلة !!
نعم أتريد أن تعود كما كنت طفلاً ، تعيش بفرح وسرور ،
دون أن تغص عليك الأكدار والأوهام يومك ؟؟
تستطيع ذلك ، و لكن :
* إذا بدأت تنظر للسقطات على أنها مرتبة تسبق النجاح ، وأنه لا نجاح إلا بسقطة ،
ولا تنظر لمن يريد إحباطك .
* إذا بكيت حينما يستدعي الموقف البكاء ، فالبكاء إن كان في موضعه ،
كان راحة للنفس ، ونشاط للجسم ، وغسيل للعينين ،
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة ،
فهو سيد الرجال ورأس هرم الشجاعة والبطولات ،
فقد بكى في أكثر من موقف .
إذا تحليت بــ الصدق ، فهو النجاة في الكروب ،
ألم تقرأ قصة الثلاثة الذين خلفوا ؟ لقد أنجاهم الصدق والصدق فقط .
* إذا عشت يومك ، وانظر للمستقبل على أنه إشراقة ستأتي ،
وانظر للماضي على أنه غابر تأخذ منه العبر فقط .
* إذا ابتسمت ، فالبسمة تعيد للكاهل شبابه ، وتعيد للميت الحياة ،
وتعيد لليائس الأمل ، فقط ابتسم ، و سترى الفرق ..
* إذا أصبح لك صديق مقرب ، وصاحب تشكو له همك ،
ويقف معك في الشدائد ، تعامله كالأخ الشقيق ،
وتشتاق لرؤياه إن كان بعيد ، فالصحبة خير عون للمسلم في حياته .
حينها ستشعر بأنك قد عدت لحياة النقاء والفرح ،
وسترى طيور الهم واليأٍ تحلق بعيدة عن حياتك الطفولية !!
وصدقني أن الفرق بينك وبين الطفل هو الحجم فقط !!
يقول بوب بايك -أحد أشهر أعلام التدريس والتدريب في أمريكا- :
" البالغون هم أطفال ، ولكن بأجسام كبيرة " !!
فأنت تستطيع أن تلعب وتمرح وتبكي ، وأيضاً تستطيع أن تكون صادقاً ،
ولا أحد يمنعك من أن تعيش يومك وتكون واثقاً من نفسك ..
تماماً مثل ما يفعله الصغار ..
وهل تعلم أن حياة الطفولة مليئة بالعجائب :
فأقوى لحظة يكون الإنسان فيها واثقاً من نفسه ، هي لحظة الولادة ؟؟
فهي لب الثقة بالنفس ، وأعلى درجات القوة في الشخصية ..
فأنت تخرج من مجتمعك المألوف -رحم أمك- إلى مجتمع غير مألوف ، ومع ذلك لا يضيرك هذا التغير شيئاً ولا يثنيك عن الخروج ..
تولد وأنت تبكي والناس يضحكون ، ومع ذلك لا تهتم لضحكاتهم وتستمر في البكاء ..
ترى الوجوه الجديدة بعد أن كنت وحيداً في بطن أمك ، فلا تلتفت لهم !!
حقاً هي قمة الثقة بالنفس ..
وتجربة تحتاج لأن تتكرر ..
و لله در هذا الطفل ما أقواه وما أسعده !!
* بقلم : يوسف بن عامر الدهمشي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]