حتى تكون معلماً مثالياً

حتى تكون معلماً مثالياً
إن المعلم المثالي هو من يكون فيه الخصال التي يستطيع بموجبها
أن يوصل المعلومة إلى أبنائه من الطلبة الذين يريد أن يدرسهم ، وفي ديننا
الحنيف وفي سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفيما سلف من الأمة من
أصول التدريس ما يستطيع الإنسان معه أن يستنتج منها قواعد ومبادئ يسير
عليها المعلم والمؤدب والمربي ، وتكون له خير عون في إنجاح مهمته وهي :

1- في دخوله إلى الفصل : ينبغي على المعلم إذا أراد أن ينفع
طلابه ؛ أن يدخل إلى قلوبهم قبل أن يدخل في الدرس , وذلك بتحيتهم ,
والتلاطف معهم , وإزالة الوحشة من قلوبهم .

2- أن يبين لهم قيمة الدرس الذي يريد أن يدرسه لهم , ويذكر لهم نواحي القوة في الدرس , والمنفعة التي تحصل لهم إذا اهتموا به .

3- ثم يبن لهم قيمة مؤلف الكتاب , وأنه من العلماء الكبار
الذين لهم جهد في نشر العلم, ونصح الناس , كما يبين لهم شيئًا من فضائله
وتأريخ وفاته .

4- في علمه : حيث يكون قد استفاد علمًا غزيرًا أثناء الدراسة
في المعهد والجامعة ؛ يمكـِّنُه من أداء ما عَلِمًهُ للطلاب على الوجه
الحسن المرضي الذي يستفيد منه الطلاب الفائدة المرجوة ، قادرًا على إيصال
المعلومة إليهم بطريقة سهلة ميسورة .

5- في تحضيره للدرس : حيث إنه لا يدخل الدرس إلا بعد تحضير
سابق للدرس يكون به واعيًا لما يقول , مبينـًا ما يتكلم به بالأمثلة
والأدلة ؛ لأن هذا يمكنه من الإمساك بناصية الدرس، ولا يجوز له أن يدخل
الدرس وهو لا يدري أين وصل في الدرس، أو لا يدري ما يقوله للطلاب ، وقد
سمعت من بعض الأساتذة – وهو يفتخر في طريقته – أنه يتناقش مع الطلاب في
الدرس نصف ساعة حتى يفهم هو وطلابه عبارة واحدة ، وهذا خطأ ؛ لأن الأستاذ
الناجح يجب أن يحضر المادة ويهضمها ، في المنزل , كما يجب عليه أن يحضر
الطريقة التي بموجبها يستطيع إيصال المعلومة إلى الطلاب بيسر وسهولة ؛ لأن
لكل مادة طريقة خاصة لتدريسها ، وقد وضع أساتذة متخصصون كل ذلك في مؤلفات
مستقلة باسم طرق تدريس الدين ، وطرق تدريس اللغة العربية , وطرق تدريس
الإنشاء وهكذا , ودرسنا كل ذلك في دار المعلمين وفي الجامعة .

6- ثم عليه أن يقسم – عند بداية الدراسة - وقت الدرس المراد
إلقاؤه على الوقت المخصص له في الفصل الواحد ، حتى لا تبقى فجوة أو مدة
فارغة يحار المعلم في ملئها ، وقد ينتهي الوقت وقد بقي من المادة بقية ,
وحينئذ يضيع من المادة جزء نحن في حاجة إليه .

7- ثم عليه أن يحضر كل ما يحتاجه من المواد والوسائل المعينة
على فهم الدرس , ولا يجوز له أن يأخذ من الطلاب ورقة أو قلمًا لأن ذلك مما
يعيب على الأستاذ الفاضل.

8- في دينه وتقواه : يجب أن يكون على مستوى عال ٍمن التدين
والتقوى والصلاح ما يمكنه أن يكون قدوة في هذا المجال ؛ ولا يجوز أن يأمر
الطلاب بأمر هو لا يفعله ، ولا ينهاهم عن أمر وهو يفعله ، فالطلاب في هذه
الحالة لا يسمعون لنصحه ولا يستفيدون من إرشاداته ، فعلى الأستاذ أن يكون
مرآة لما يقول .

9- في هيئته ومظهره : ينبغي أن يكون على مستوى عال من
النظافة وحسن الهندام ، وأن لا يكون مبتذلا في لباسه ولا مبتذلا في نظافته ،
كما عليه ألا يكون مهتما كل الاهتمام في المظهر حتى يطغى على الجوهر , فلا
إفراط ولا تفريط .

10- في كلامه فهو ذو كلمة طيبة وعبارة رشيقة ، ومنطق عذب ، لا يصخب ولا يسب ولا يشتم ولا يؤذي أحدًا من الناس في كلامه .

11- في إلقائه للدرس : فهو يتكلم بالعربية الفصحى التي يفهمها
الطلاب ، بعيدًا عن العامية كما يكون بعيدًا عن الكلمات الصعبة غير
المفهومة , أو غير العربية .

12- في إسماعه للطلاب : علمنا أساتذتنا أنه يجب على المعلم
المثالي أن يرفع صوته أكثر مما يسمع به الطلاب ؛ لأن رفع الصوت أثناء الدرس
مما يوجه اهتمام الطلاب للدرس , ويزيد من انتباههم ، ولا يسمح لهم
بالتفكير فيما هو خارج الدرس؛ كما لا يسمح لهم بالنوم من باب أولى .

13- في نظراته للطلاب : فهو يوزع نظراته على الجميع دون تفريق ؛ حتى يشعر الجميع أنه والد لهم جميعا يرعاهم كلهم دون تمييز .

14- في مناقشته للطلاب : يجب ألا يغفل المعلم المثالي مناقشة
الطلاب في كل ما يقوله؛ لأن الأستاذ الذي يتكلم ثم لا يناقش يجعل الطلاب لا
يهتمون بالدرس ؛ لأنهم واثقون من أنه لا سؤال ولا مناقشة ؛ فلا يحصرون
انتباههم في الدرس ، فيخرجون من الدرس بدون فائدة فيضيع المراد ، أما إذا
علم الطلاب أن بعد كل مسألة مناقشة وأسئلة ودرجات ؛ فهذا مما يشجع الطالب
المجد وينبه الطالب المهمل إلى مسئوليته في الدرس ؛ ولذلك لا بد من جعل عشر
درجات للمناقشة .

15- في تحضيره للطلاب : وهذه مهمة صعبة لا يهتم بها الكثير
من الأساتذة مع أن غياب الطلاب عن الدرس يضيع عليهم فهم الدرس- وإن حفظوه -
لذا لابد من أن يَجعل الأستاذ للحضور والغياب مكانة مهمة ليعرف الطلاب أن
أي غياب سيؤثر على درجاتهم النهائية بالنقص ، فإذا علم الطلاب أن غياب
محاضرة واحدة ينقص منه درجتين مثلا ؛ فإنه سيهتم بالدرجة اهتمامًا كبيرًا
كما يهتم بالحضور ، واللائحة في الجامعات تطلب من الأستاذ أن لا يختبر
الطالب الذي يغيب 20% من مجموع المدة المقررة للمادة , وعليه كذلك أن يضع
عشر درجات للحضور والغياب .

16- في محافظته على وقت الدرس : فلا بد أن يأتي الدرس قبل
وقت الدرس بزمن كاف، ولا يخرج من الفصل إلا بعد انتهاء الوقت المخصص للدرس ،
ولذا فلا يجوز له التأخر عند الدخول إلى الدرس ، ولا الخروج قبل انتهاء
الوقت ؛ لأن الدرس أمانة والوقت أمانة ؛ ولأن ذلك يؤثر على سلوك الطلاب في
مستقبل حياتهم العملية والعلمية ، فلابد أن يكون الأستاذ قدوتهم في ذلك ,
ولأن الأستاذ يأخذ على الدرس أجرًا فلا بد من أداء الوقت المخصص لهذا
الراتب الذي يأخذه ، حتى يكون راتبه حلالا .




تهدف هذه الورقة إلى توعية من يتصدون للتدريس بأهم الأمور
التي يحتاج إليها الأستاذ المدرس ، كما تهدف ضمنًا إلى الاهتمام بالطلبة
ليكونوا على مستوى لائق من الفهم ؛ لأنهم سيكونون مدرسين في المستقبل من
الزمان ، ولأن هذا البرنامج يحفز فيهم العزائم ليكونوا مثل هذا المعلم
المثالي ، كما أن هذا البرنامج يهدف لأن يكون مشعل نور للعاملين في الحقـل
التعليمي لوضع طرق للتدريس تتلائم مع شرعنا الحنيف ، ونابعة من الطريقة
التي سار عليها معلمنا الأول محمد صلى الله عليه وسلم وسلفانا الصالح رضوان الله تعالى عليهم
أجمعين ، حينما علموا الدنيا وسادوا العالم .