أخرج عبدالرزاق والبيهقى والحاكم وصححه، عن أبى بن كعب، أن النبى، صلى الله عليه وسلم،
ذكر فى قصة موت آدم، عليه السلام، أن الملائكة لما قبضوا روحه، غسلوه وحنطوه وكفنوه،
ثم صلوا عليه، ثم حفروا له، ثم دفنوه،
ثم قالوا: «يا بنى آدم.. هذه سنتكم فى موتاكم فكذلكم فافعلوا».
بهذا كشف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن حق الإنسان ميتاً منذ آدم عليه السلام،
فلم يكن التكريم المنصوص عليه فى قوله تعالى: «ولقد كرمنا بنى آدم» (الإسراء: 70)
خاصاً بحال الحياة، وإنما يشمل الموت والحياة، فقد أخرج أحمد وأبوداود بإسناد صحيح
عن عائشة أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «كسر عظم الميت ككسره حياً».
وأخرج الشيخان أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية فمرت بهما جنازة فقاما،
فقيل لهما: إنها من أهل الأرض. فقالا: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنه يهودى. فقال: «أليست نفساً؟».
وحتى لا يفتئت أحد على دين الله، ويستغل بعض نصوصه لهدم مقاصده،
وهو فى الحقيقة يصب غضبه أو حقده أو شماتته فى فتواه التى يتطوع بها دون أن يسأله أحد،
فيزعم تحريم الصلاة على بعض أهل القبلة، فقد قطع الرسول، صلى الله عليه وسلم،
السبيل على هؤلاء الفاتنين فيما أخرجه أبوداود والدارقطنى برجال ثقات
عن أبى هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم
براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر، والصلاة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر».
وينهى الإسلام عن الشماتة التى هى الفرح بالمكروه يصيب الغير ممن تعاديه؛
لما أخرجه البيهقى والطبرانى والترمذى وحسنه عن واثلة بن الأسقع أن النبى،
صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك».
وقد هدانا القرآن الكريم إلى الالتجاء إلى الله تعالى بدلا من الشماتة بالأعداء،
وهو يحكى عن أهل الإيمان من بنى إسرائيل الذين آمنوا بموسى، عليه السلام،
فتوعدهم فرعون بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتصليبهم جميعاً، فكان جوابهم
كما قال تعالى: «قالوا إنا إلى ربنا منقلبون *
وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين». (الأعراف: 125، 126).
ومن فضل الله تعالى على الموتى أن جعل لهم
أمارات قبول حتى يتماسك ذووهم
فى مواجهة مثيرى الفتنة الذين يشيعون السوء عليهم، فأخرج ابن ماجة بإسناد صحيح عن أبى هريرة
أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «من صلى عليه مائة من المسلمين غُفر له». وأخرج مسلم عن كريب مولى ابن عباس أنه مات ابن له بقديد أو بعسفان،
فقال: يا كريب انظر ما اجتمع له الناس. قال: فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته،
فقال: تقول هم أربعون؟ قال: نعم. قال: أخرجوه فإنى سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يقول: «ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه».
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]